الخميس، 26 مايو 2022

مقاربات نقدية" 19. صورة الشاعرة المغربية من خلال أشعارها


إذا نظرنا إلى ما يسمى بشعر المرأة أو كما يحب البعض أن ينعته بالشعر النسائي في المغرب سنلاحظ أن هذا الشعر يلتقي في مضامينه وأساليبه بالشعر الذكوري، وبالتالي يغدو تسمية هذا الشعر بالشعر النسائي بلا معنى..على أي فقد ارتأيت في هذه الورقة أن أرصد صورة المرأة الشاعرة المغربية من خلال إبداعها، والكيفية التي تقدم لنا نفسها، وتعبر عنها سواء في إطار علاقتها بالذات أو الآخر أو العالم..وحاولت أن أقارب هذه الصورة التي تجمع بين البساطة والتعقيد من خلال خمسة عشر ديوانا سبق لي أن عرفت عن قرب هؤلاء الشاعرات وهي حسب تسلسلها الزمني في الإصدار:  

 

عنوان الديوان

الشاعرة

سنة الإصدار

1. آدم الذي..

حبيبة الصوفي.

1998.

2. العشق المزمن.

حكيمة الشاوي.

1999.

3. إشراقة الجرح والعشق.

حكيمة الشاوي.

2001.

4. إبحار في قلاع  الروح.

فاطمة برودي.

1997.

5. أبحار في قلاع الروح. الجزء الثاني.

فاطمة بارودي.

2001.

6. جسد من هواء

أم كلثوم ضرفاوي.

2001.

7. ما أوسع الموت فيك.

حليمة الإسماعيلي.

2004.

8. دمعة

مالكة عسال.

2005

9. رغم أنف إبي.

إلهام زويريق.

2005.

10. وشم الأمس على الأضرحة.

مالكة عسال.

2005.

11. هذا المساء.

ليلى ناسيمي.

2008.

12. الشهداء والغوغاء.

فاطمة أحيوض.

2008.

13. إلى متى.

مليكة كباب.

2009.

14. الحبة الزرقاء.

فتيحة مخلص.

2010.

15. بوح المرايا.

16. الطائر تاجوال

فاطمة بوهراكة.

خديجة الطنطاوي

2010.

2011.

 

1. الصورة الأولي:

الشاعرة المعتزة بجنسها،بكبرياء، تقدم نفسها حاملة مشعل الأمل ومبشرة بالغد الجميل والمشرق.. وبدون حضور العنصر النسوي فلاشيء غير الظلام.

نحن النساء عندما تغيب الشمس

كل مساء

في عيابات اليم

نحملها على أكتافنا

إلى الشروق

نحن النساء. (1)

2. الصورة الثانية:

الشاعرة الملتزمة والمنخرطة في النضال الحزبي الثوري والتي تتردد في تقديم روحها من أجل الوطن، ومن أجل استرداد الحرية المصادَرَة من قبل أجهزة القمع والبطش، إنها مؤمنة بأن رسالتها هو اقتلاع الظلم من الوطن، وهي تقف إلى جانب الأحرار الذين استشهدوا ليعيش الوطن حرا. وأخص بالذكر هنا الشواعر اللواتي عايشن ما يسمى بزمن الرصاص.

نقسم بالشاي والزيتون

طعام الكادحين

هذا درب المهدي وعمر ومحمد

هذا درب العربي

هذا درب الشعب

درب واحد..

عشق واحد..

دم واحد..(2)

3. الصورة الثالثة:

الشاعرة المنخرطة في الهموم القومية والمتعاطفة مع قضايا الشعوب العربية التي تتعرض للغزو، وما يرافقه من تقتيل للشعوب، وتدمير للحضارة العربية كما يحدث في العراق وفلسطين ولبنان..وفي هذا المنحى كتبت أشعار عن أبطال غزة والقدس وبغداد والبصرة..

     همى الدمع على طلح

العراق بكى

آه..بضلوعنا العراق..دم

وبين ضلوعنا ألم العراق بكى. (3)

4. الصورة الرابعة:

الشاعرة المعزولة والتي تعيش وحدة وغربة ولا تجد من يقاسمها انشغالاتها ولا من يشاركها أحلامها:

     مسافرة..

مسافرة..

لي من بلادي تيهي

فلا تنتظرني أيها الوقت

كالسموم أحوم

فوق غمر من الأسئلة

وأثير بالصمت

تجاعيد المرحلة (4).

5. الصورة الخامسة:

الشاعرة المقهورة في حريتها، والمصادرة أحلامها، حيش الشعور الدائم بأنها لا تملك مصيرها في يديها، ‘نها مشروخة الهوية، وبالتالي هناك حلم لا يكف عن مطاردتها وهي الرغبة في التحرر والإنعتاق.

    هل أنا فعلا حرة؟

وأمارس حريتي...

.....

الحرف يملك صك عبوديتي

حتى في الرمس (5).

6. الصورة السادسة:

الشاعرة التائهة في مدينتها حيث تختلط صورة المدينة في ذهن الشاعرة بطموحات وتطلعات وإحباطات وانكساراتها فتتحول المدينة لإلى فضاء نفسي تتلمس الشاعرة  في عوالمه طريقها إلى الذات، وأغلب الشاعرات كتبن عن مدنهم كفاس ومراكش ووجدة والجديدة والدار البيضاء، وإن كتبن عن مدن أخرى في الوطن وخارجه، لكن صورتهن وتصويرهن للمدينة يكاد يتشابهن فيه.

     كزبلانكا حبيبتي

هذه صلاتي الأولى والأخيرة

على روح الشعر فيك

كيف استسلمت للطاعون ينخر عظامك

كيف أرخيت أهداب الجفون

واستقبلت فلول الهوس. (6).

7. الصورة السابعة:

الشاعرة المحبطة في الحب الباحثة عن مرافئ تأوي إليها ربما تحميها من عوادي وعواصف الحياة خصوصا عندما يكبر الإحساس بالزمن، وتبدأ طلائع العنوسة تلوح في الأفق ليشعر الشاعرة بمرارة الوحدة.

   متاهات العمر تقذف بي

يا أمي

وحدك تحملني فوق

الضوء

وأنا التائه عني

أفتش بقايايا

أبحث عن ذاكرتي

المنسية تحت الأهرام

وردة كنت

حالمة كالصبايا

بالحب/بالغد

تكسرت سهوا مجاديفي

يا أمي (7).

8. الصورة الثامنة:

الشاعرة التي تصر على النضال من أجل فرض الذات ونزع الاعتراف رغم الإكراهات الكثيرة والمثبطات، إنها مصرة على أن تسرق الشعلة كما فعل ابروميثيوس من أجل أن تنير دروب الوطن المعتمة.

    أتنفس في عروق وطني

مثل ما

يتنفس السمك في الماء

يا الليل كفاك

حفرا في الضلوع

فالعمق فولادي

سأبحر فيك

لن يوقفني عُتُلُّ الموج

لن تحاصرني السهوب

ولن أتعثر

الطريق في عيوني مرسوم

في آخر فنار

أدنو

من كرسي المفاجأة

ومن المضايق

أسرق النصر (8).

9. الصورة التاسعة:

الشاعرة المسكونة بقضايا الإنسان في كل زمان ومكان حيث الشعور بالكونية:

     يدميني حب الإنسان

يشقيني حب الإنسان

يجدد فيّ كل الآلام

يجدد في ألف سؤال

أي إنسان. (9).

10. الصورة العاشرة:

الشاعرة العاشقة التي لا تخجل من التعبير عن لواهج النفس، ورغبات القلب، والمجاهرة بالعشق للمعشوق، والبوح في الوصال:

    هواك..

لحن فيه قطعة

من وجداني معزوفة

وشذاك..

عطر..روحي

له..ملهوفة

دعني أسامر الليل في نجواك

إني بطزل السهر معروفة

سأقول..إني..أحبك (10).

11. الصورة الحادية عشر:

الشاعرة الزاهدة التي هجرت نعم الحياة الفانية، وجاورت الله، ورأت في الدين والعقيدة مخرجا لأزماتها

     يا ربي..

صمت جلالك وحده

يجعلني أتردد

قبل أن أسترجع

نفسي

ويمنحني مدى قصيرا

كي أعيش (11).

12. الصورة الثانية عشر:

الشاعرة الخانعة والخاضعة لسلطة الرجل، تتودد له، وتقدم نفسها للرجل خاضعة وخانعة، ولا تطلب إلا أن يرضى عليها، وهي مستعدة لفعل أي شيء من أجله، وتتوسل إليه لكي يرضى:

    سيدي

خاتما بين أصابعك ضعني

عطرا في كفيك أبسطني

وساما على صدرك علقني

ولن أقول تعبت أنزلني

فقط لا تتركني (12).

13. الصورة الثالثة عشر:

الشاعرة المتمردة على سلطة الرجل، وارى فيها سلب لحريتها وإرادتها، فترافع لواء التمرد والتحدي، وتصر على أن تعيش الحياة التي تناسبها واختارها:

    فكر كما شئت

وسأفعل ما أريد

لن تصادر الورد كل صباح

حتما ستتعب

وحتما سأفعل ما أريد (13).

14. الصورة الرابعة عشر:

صورة المرأة الرومانسية العاشقة للحب والطبيعة، حيث تمتزج صورة الشعر بالطبيعة: تقول في قصيدة "الطائر الجوال":

    بنفض فيك غبار الشعر

ويحط هناك الرحال

لا كناية تستهب قطيع الضباء

أغمض عينيه

واختار سراديب المحال

....

تجري هناك سواقينا

حبا..حزنا

لا مزامير راع تقصيك

لا عطر شامة يلهيك

لا دلال الولادة يجليك

أيها السكون المختوم بعاصفة

بألم المخاض...بفرحة الولادة.

خلاصات عامة:

    1. تتجاور المواضع قي الديوان الواحد مما ينعكس لبا على التجربة الكلية للشاعرة.

2. هذا التجاور يؤثر سلبا على المسار الإبداعي للشاعرة وبالتالي تصنيف هذه التجربة في إطار تيار أو مدرسة أو اتجاه أدبي.

3. تشي المواضع المتجاورة بأن التجربة الشعرية آنية ولحظية فتغيب الرؤية العميقة التي تنطلق من منطلق رؤيوي.

4. في جميع الدواوين تقريبا تكاد مواضع التجربة الشعرية والأدوات أو التقنيات التي يتوسلن بها الشواعر إلى التعبير عه تجاربهن.

************************************************************************************

                * ملحوظة: ألقيت هذه الورقة بمقر المديرية الجهوية لوزارة الثقافة في إطار ملتقى ربيع تيمغارين الذي                    نظم أيام 11-12-13 مارس 2010.

(1). الحبة الزرقاء. فتيحة مخلص. ص14.

(2). العشق المزمن. حكيمة الشاوي. ص22.

(3). الشهداء والغوغاء. فاطمة أحيوض. ص56.

(4). ما أوسع الموت فيك. حليمة الإسماعيلي. ص 52.

(5). الحبة الزرقاء. فتيحة مخلص. ص36.

(6). هذا المساء. ليلى ناسيمي. ص37.

(7). بوح المرايا. فاطمة بوهراكة. ص13.

(8). دمعة. مالكة عسال. ص70).

(9). إبحار في قلاع الروح. فاطمة بارودي. ص85.

(10). إلى متى. مالكة كباب. ص125).

(11). جسد من هواء. أم كلثوم ضرفاوي. ص37).

(12). ما أوسع الموت فيك. حليمة الإسماعيلي. ص 31.

(13). الحبة الزرقاء. فتيحة مخلص. ص46.


 

 

مركز ابزو للدراسات والأبحاث ينظم يوما دراسيا حول تيمة الماء

  29/04/2024: في سياق اليوم الدراسي الذي ينظمه مركز ابزو للدراسات والأبحاث في الثقافة والتراث. بشراكة مع جمعية آفاق ابزو للتنمبة والثقافة ...