بحث هذه المدونة الإلكترونية

tout droit résérvé

© Copyright
Tous droits réservés

الترحيب بالزوار

مرحبا بك في موقعنا ! للبحث عنا من جوجل يمكنك كتابة "فرحات المصطفى" أو "FARHAT MUSTAPHA" ! لا تنس جعل المدونة الصفحة الرئيسية لمتصفحك!

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة
ميمي نت
2. قالوا عن السلم: * "لا يوجد طريق للسلام، فالسلام هو الطريق." (مهاتما غاندي) - * "من يُريد السلام يجب أن يُستعد للحرب." (أرسطو) - * "السلام هو زهرة تنمو من التربة التي تسمى الحب." (ليون تولستوي) - * أستطيع أن أكون الأسوأ دائماً، لكنني أملك قلباً يرفض جرح الآخرين. (نيلسون مانديلا) - * "نتيجة الحروب خلق اللصوص ونتيجة السلام قتلهم" (جورج هربرت) - * " كان ديكان يعيشان في سلام حتى ظهرة دجاجة" (مثل فرنسي) - * "السلام هو الأم المرضعة لكل بلد" (هزديوس) * القلب المتمتع بالسلام يرى عرسا في كل القرى" (مثل هندي)

آخر الأخبار

آخر الأخبار

الجمعة، 27 مايو 2022

مقاربات نقدية" 20. الإشكاليات العامة للقصة القصيرة جدا*

        

سأحاول في هذه الورقة أن أقارب أهم الإشكاليات التي تطرحها القصة القصيرة جدا بنوع من التركيز مراعاة للحيثيات التي تحيط بهذه المشاركة، وتتمحور هذه المداخلة حول مجموعة من الإشكاليات موضوع النقاش حول هذا المولود الجديد وهي: إشكالية التسمية، إشكالية التصنيف، إشكالية النشأة والاستنبات، إشكالية التميز، إشكالية الغائية، إشكالية القراءة. وعموما فهذه المداخلة تروم طرح أسئلة أكثر مما تقدمه من أجوبة.

1. إشكالية التسمية:

التسمية الأكثر شيوعا وتداولا في الثقافة العربية هي القصة القصيرة جدا، إلا أننا عندما نبحث عن مترادفات لهذه التسمية بحسب الحقب الزمنية التي مرت منها، والأجيال المتعاقبة على كتابتها، والثقافات المختلفة التي أنتجتها أو تبنتها سنجد حوالي أحد عشر اسما:

1. قصص السندويش.

2. قصص راحة اليد.

3. قصص أوقات التدخين.

4. قصص ما بعد الحداثة.

5. قصص الومضات.

6. قصص الأربع دقائق.

7. القصص السريعة.

8. بورتريهات.

9. القصص القصيرة الشاعرية.

10. مشاهد قصصية.

11. قصص الباصات.

وباد أن هذه التسميات تنطلق من خلفيات محددة تعكس في مجملها تمثلات وتصورات من أطبقوا هذه التسميات لهذا الجنس الأدبي.

فتسميتها بقصص راحة اليد إشارة إلى الحيز المكاني الذي تشغله في بياض الورقة. وقصص أوقات التدخين تشير إلى أنها تصلح للتزجية الوقت لا أقل ولا أكثر، إنها أشبه بفنجان القهوة التي يرافق تدخيننا لسيجارة. القصص القصيرة الشاعرية تحيل إلى الأسلوب الذي تكتب بها والذي يقربها من تقنيات الكتابة الشعرية المتمثلة في التكثيف والإيحاء والترميز...

ويبقى السؤال: إذا كانت التسمية هي علامة على المسمى، فما هي التسمية التي تعبر أكثر على خصائص هذا الجنس الأدبي؟ وما المعيار الذي يجب اعتماده في عملية التحديد؟

فعندما ظهرت القصة كجنس أدبي حكائي خرج من رحم الرواية واجه النقاد إشكالية تحديد المعيار الذي يميز القصة عن الرواية، فوجده بعضهم في الكم، ومن تم اعتبر كل نص حكائي تقع كلماته ما بين 500 و 2000 نص قصصي. وبناء عليه، أطرح السؤال التالي: هل يمكن اعتماد معيار الكم لتمييز القصة القصيرة جدا عن بقية الأجناس الأدبية الأخرى كالأقصوصة والقصة القصيرة؟ إضافة إلى معيار الكم، هل يمكن إضافة معيار الزمن من خلال احتساب المدة الزمنية التي تستغرق في القراءة؟

2. إشكالية التصنيف. 

     كل من تعامل مع القصة القصيرة جدا، كاتبا أو قارئا، سيلاحظ أنه من الصعب تجنيسها، إنها في نقطة تقاطع مع أجناس أدبية متنوعة مما يصعب مهمة الناقد، هي إذا في نقطة تقاطع مع أجناس أدبية متنوعة: القصة، الأقصوصة، القصة القصيرة، قصيدة النثر، قصيدة الومضة، قصيدة الشذرة...

فلننطلق من هذه التسمية الشهيرة القصة القصيرة جدا لنطرح جملة من الأسئلة، أو تساؤلات بإمكانها أن تدفعنا إلى التفكير بعمق في هذا الجنس الأدبي وتلمس السبل الكفيلة بإضاءة غوامضه وعتماته مثل:

1. هل هذا الجنس الأدبي له من المشروعية ما يكفي لكي يوصف بالقصة إذا أخذنا بعين الاعتبار المحددات الأساسية لفن القص عموما؟

2. ما مدى حضور كل عنصر من عناصر مقومات القصة المعروفة والمحددة من قبل النقاد، وهل أضافت شيئا جديدا إلى هذه المقومات؟

3. صحيح أن هذا الجنس الأدبي جاء ليتجاوز أنماط الحكي المعروفة في أفق خلق نمط جديد من الحكي، لكن هل يحق له أن يستعير تسمية قديمة يحملها جنس أدبي هو "القصة" أم عليه ـ ما دام يطمح أن يتجاوز المكونات التي ينهض بها هذا الفن ـ أن يجد اسما آخر يحدد بها هويته حتى ينال استقلاله؟

وإذ يبتعد هذا الجنس الأدبي نوعا ما عن فن القصة بمفهومها وشكلها ومحتواها وأسلوبها التقليدي فهو يقترب أكثر من الشعر، وبالضبط من قصيدة النثر مما وضع النقاد والقراء على السواء أمام سؤال آخر مركزي:

ما الذي أقرأه؟ أهو نثر أم شعر أم حكاية أو نبأ...وبالتالي ألا يمكن استخلاص ما مؤداه أن هذا الجنس الأدبي جنس هجين بلا هوية.  (أنبه ها هنا إلى أن الناقد الفرنسي كان من المتحمسين لإلغاء الحدود بين الأجناس الأدبية، وسمى هذا الجنس الأدبي ب"الكتابة".)

3. إشكالية النشأة والاستنبات

أطرح هذه الإشكالية في سياق البحث عن أصول وجذور القصة القصيرة جدا، حيث تضاربت الآراء حول هذا الموضوع.

1. موقف يرى أن أوربا هي موطنها الأصلي مع ناتالي ساروت.

2. موقف يرى أن موطنها الأصلي هو أمريكا اللاتينية.

3. موقف يرى بأن هذا النوع من الكتابة نجد له أصولا في الثقافة العربية متمثلة في الأخبار والحكايات والألغاز والنوادر والأمثال..

كما شمل الاختلاف التاريخ الذي دخل فيه هذا الجنس الأدبي للثقافة العربية:

1. رأي يقول بداية السبعينات أو الربع الأول من السبعينات.

2 الثاني يحدده في بداية الثمانينات.

3. الثالث يرى أن هذا الجنس الأدبي لم تتضح ملامحه إلا في نهاية التسعينات.

إن اختلاف الآراء هذه تثير جملة من الأسئلة من نوع:

1. ما الفائدة التي يمكن أن نجنيها من هذا الجدال حول النشأة والاستنبات أم علينا أن وجه انتباهنا إلى مواضع أكثر أهمية وإثارة؟ من نوع:

1. كيف ـ إذا افترضنا جدلا أن هذا الجنس الأدبي دخيل على ثقافتنا العربية ـ أن نستنبته، ونعطيه هويته العربية عامة والمغربية خاصة؟

2. ما هي الآليات التي بها سيتحقق هذا الهدف لكي نجعله فنا شعبويا حتى لا يبقى حبيس نواد أو رهن لدى فئة متخصصة محددة؟

4. إشكالية التميز

إن الذين يرون في القصة القصيرة جدا جنسا أدبيا قائما بذاته لا يملكون من تقديم وصفات جاهزة للمبتدئين الراغبين في اقتحام مغامرة الكتابة، ومن يقرأ هذه الوصفات يحار في أمر هؤلاء الذين تعبوا في جمعها أولا، ثم عندما يتأملها يخلص إلى نتيجة واحدة وهي إن هذا الجنس الأدبي على قصره فن ليس متاحا إلا لفئة محدودة من صنف العباقرة، وبدل أن يشجعوا الأجيال المبتدئة فهم يرهبونهم بمصطلحات وعبارات قوية في صياغتها لكن عندما تُساؤل دلالاتها فإنك لا تعثر على شيء. ومن بين هذه الوصايا التي سأحاول أن أبدي ملاحظات حولها في سياق استعراضها:

1. يجب أن تبتدئ وتنتهي في زمن قصير (لا أفهم ماذا يعني هنا بالفعل "تبتدئ" هل يعني فعل الكتابة، أم فعل التخييل والبحث عن الفكرة، أم لحظة التأمل...).

2. يجب أن تصور موقفا أو حالة سريعة جدا (لا حظوا معي استعمال فعل "يجب" وكأن الأمر هنا على وجه الإلزام).

3. الحدث يكون آنيا حاضرا ومكثفا.

4. الزمن زمنين: ماض وحاضر (يؤكد على أن الزمن في هذا الجنس الأدبي ليس ثنائي أو ثلاثي الأبعاد).

5. الجمل قصيرة وذات وقع ساحر.

6. إحلال الفعل محل الوصف (الفعل المضارع يُبقى الفعل حيا، على عكس الوصف الذي يوقف الحركة).

7. الخيط اللغوي موحي وقصير. (لا أفهم ماذا يعني بالخيط اللغوي هل هو نسيج القصة، أو الحبكة، أم شيء آخر).

8. السخرية. (لم لا نظيف الاستهزاء وحالات نفسية كثيرة).

9. الجملة الضربة، توظف لوصف المكان والشخصية (لا أفهم ما المقصود بالضربة مع العلم إن هذا الإصلاح مأخوذ من الفنون التشكيلية).

10. النهايات المدهشة.

11. اللغة الإستعارية التي تعتمد الإيجاز والترميز والإيحاء والحذف البلاغي (أول مرة أسمع هذا المصطلح البلاغي "الحذف البلاغي؟" ولا أدري ما المقصود منه تحديدا والهدف منه..مع العلم أنه ذكر الإيجاز).

12. إيقاعات متعددو في عبارات محدودة، التشذيب والتركيب الاقتصاد والبنية الدقيقة المعمقة.

13. خلخلة التركيب والمعنى.

14. تدمير الآلة المنطقية. (في هذه الحالة سيكون المنون أكثر إبداعا، وسنخلق عالما من الفوضى)

15. الخروج عن معايير التغطية البصرية المألوفة.

16. تخريب الانسجام الإبداعي (وهل هناك جمال بلا انسجام حتى وإن تعلق الأمر بتصوير أشياء غير جميلة).

17. الاتكاء على الحلم والكابوس (ربما قصد التعويل على اللاشعور).

18. التكثيف والمكاشفة.

19. استثمار التقنيات السينمائية.

20. تداخل الوحدات الثلاث للزمن وتشابكها على نحو خاص يفضي إلى رؤية معينة (نلاحظ أن هناك من يرى الزمن في بعدين ومن يره في ثلاثة أبعاد).

21. القصصية، الجرأة، وحدة الفكر والموضوع وخصوصية اللغة..

هذا الذي استعرضته غيض من فيض، والكثير مما ورد في هذه الوصفات غامض الدلالة ومبهم ويحتاج إلى المزيد من الشرح والتوضيح حتى يتحقق المراد، ثم لنتساءل:

1. أليست هذه نصائح عامة لا تتعلق فقط بالقصة القصيرة جدا بل تشمل كل الأجناس والأنواع الأدبية؟

2. من أين استُقيت هذه المبادئ؟ أليست حاضرة في الأدب والسينما والمسرح والفن التشكيلي؟ إنها مبادئ عامة لا تخص أي فن من الفنون في الوقت الذي نحتاج فيه إلى مبادئ مستخلصة من الجنس الأدبي نفسه موضوع الدراسة.

5. إشكالية الغائية 

في قراءتي لبعض تصريحات كتاب هذا الجنس الأدبي خرجت بمجموعة من التساؤلات سأطرحها بعد أن أستعرض بعض الأسباب والدوافع التي حدت ببعض المبدعين للكتابة في القصة القصيرة، وكذلك الأهداف التي يطمحون إلى تحقيقها، والرسائل التي يسعون إلى توجيهها لقرائهم ومجتمعهم، معلقا على بعضها كلما سنحت الفرصة:

1. هي داء ودواء (عبارة غامضة ومبهمة، حالة لا تُستقبل ـ في رأي ـ بمستعجلات النقد).

2. القبض على لحظات منفلتة شديدة التعقيد والكثافة الشاعرية.

3. اختبار طاقات هذا الجنس.

4. لأكتشف ذاتي وذوات الآخرين.

5. لأبرهن لنفسي أني أستمر في رصد  تحولات الواقع.

6. لأن وقت كتابتها لا يستغرق سوى لحظات.

7. لربط علاقات.

8. تحدي الفناء ومواجهة الموت.

9. الكون بات قرية صغيرة.

10. مواجهة المستجدات والمتغيرات.

11. الرواية، القصة القصيرة، الشعر، المسرح، تعاني من خلل مرحلي، وعندما تسأل هذا الشخص: كيف؟ يجيبك: ظهور كتل شحمية.

الطابع العام الذي يغلب على هذه التصريحات هي تمحورها حول الذات، وكأن المجتمع الذي نعيش فيه غير موجود بتاتا، وكأن القضايا الكبرى للأمة تتضاءل أمام النرجسية، وهذا يقدونا إلى طرح الأسئلة التالية:

1. ما قيمة هذا الجنس الأدبي إذا كان لا يعبر إلا على ذات صاحبه؟ سيكون أشبه بالدواء الذي يكتبه الطبيب حسب حالة كل مريض، وليس كالخبز الذي هو طعام الجميع؟

2. قد يكون هلوسة ذات مريضة تحاول أن تعبر على نفسها، ليس لتبحث عن ترياق وإنما لتعادي الآخرين بدائها. 

6. إشكالية القراءة 

السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:

1. هل نقرأ القصة القصيرة جدا بأدوات السرد؟

2. هل نقرأها بأدوات الشعر؟

3. هل نقرأها بهما معا؟

4. هل علينا أن نستنبط منهجا يلاءم طبيعة وخصوصية هذا الجنس الأدبي، منهج يتشكل من خلال تراكم نقدي مواكب له مع العلم بأن النقاد الذين يواكبون تجارب المبدعين في هذا المجال قلة، ومعظم كتاباتهم تنحوا في الاتجاهات التالية؟

1. التأكيد على استقلال القصة القصيرة جدا عن بقية الأجناس الأدبية الأخرى.

2. الدفاع عنها بشكل شوفيني ولو اقتضى الأمر استعمال المغالطات.

3. تتبع ما ينتج من مجاميع قصصية بقراءات سريعة ومتسرعة. (ما يمكن تسميته بالنقد الصحفي الذي يتميز بالسطحية، أو النقد الإخواني، أو النقد الترويجي الإعلامي).

ولعل المثير في قضية القراءة تتمثل في طبيعة العلاقة القائمة بين الناقد والمبدع والمتمثلة في ضرورة إنصات المبدع لصوت الناقد المتمكن من أدواته النقدية، فنحن نعلم جيدا ما للناقد من وظيفة في اكتشاف مواطن الجمال والقبح في النصوص الإبداعية، ومكامن الخطأ والطواب، فهو القادر على التمييز بين الغث من النصوص والجيد منها، وبالتالي فليس فقط قارئا يقوم بدور الترويج للإبداع والإشهار للمبدع، بل له وظيفة الأستاذ الموجه والمرشد، فالإبداع والنقد عمليتان متكاملتان تسعيان في آخر المطاف وتهدفان إلى خدمة الأدب الراقي..

آمل من خلال هذه المداخلة التي طرحت فيها أسئلة أكثر مما أجبت عنها أن تكون مفيدة، وتفتح باب النقاش حول الإشكاليات التي طرحها هذا الجنس الأدبي المسمى: القصة القصيرة جدا.

 

المصطفى فرحات

 يونيو 2010.

...................................................................................................................................

* مداخلة ألقيت بدار الشباب بوشنتوف بالدار البيضاء يوم السبت 26 مايو 2010. بمناسبة اللقاء الذي نظمته الجمعية المغربية للغويين والمبدعين حول القصة القصيرة جدا.

 

 

 

مركز ابزو للدراسات والأبحاث ينظم يوما دراسيا حول تيمة الماء

  29/04/2024: في سياق اليوم الدراسي الذي ينظمه مركز ابزو للدراسات والأبحاث في الثقافة والتراث. بشراكة مع جمعية آفاق ابزو للتنمبة والثقافة ...