tout droit résérvé

© Copyright
Tous droits réservés

الترحيب بالزوار

مرحبا بك في موقعنا ! للبحث عنا من جوجل يمكنك كتابة "فرحات المصطفى" أو "FARHAT MUSTAPHA" ! لا تنس جعل المدونة الصفحة الرئيسية لمتصفحك!

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة
ميمي نت

آخر الأخبار

آخر الأخبار
2. قالوا عن السلم: * "لا يوجد طريق للسلام، فالسلام هو الطريق." (مهاتما غاندي) - * "من يُريد السلام يجب أن يُستعد للحرب." (أرسطو) - * "السلام هو زهرة تنمو من التربة التي تسمى الحب." (ليون تولستوي) - * أستطيع أن أكون الأسوأ دائماً، لكنني أملك قلباً يرفض جرح الآخرين. (نيلسون مانديلا) - * "نتيجة الحروب خلق اللصوص ونتيجة السلام قتلهم" (جورج هربرت) - * " كان ديكان يعيشان في سلام حتى ظهرة دجاجة" (مثل فرنسي) - * "السلام هو الأم المرضعة لكل بلد" (هزديوس) * القلب المتمتع بالسلام يرى عرسا في كل القرى" (مثل هندي)

الأحد، 16 أغسطس 2015

علم النفس الديني: المعيار الفني

من بديع ما وصف به الفن: إنه أرقى مظهر للطبيعة الإنسانية، ووصف الفنان نفسه بأنه عبقرية ملهمة مرسلة من السماء، وأن درجته من أفضل درجات البشر. ومن هنا كان السؤال الذي يواجه عالم النفس في مستهل حديث كهذا هو: هل الميل الفني ملكة فردية وموهبة خاصة؟ أم هو مجرد ثمرة تفرعت من الخطوات العادية ونمت نموا طبيعيا، وأن شيئا منه موجود عند كل رجل وكل امرأة؟ وأنه مما يدخل في حياتنا ومعاملاتنا اليومية؟

واجه العلماء هذه المعضلة بأن درسوا طرق الفنان وبواعثه، متبعين في هذه الدراسة مناهج البحث العلمي، فدرسوا حياة غوته وزولا وبيرون وكيتس وبيتهوفن...ووازنوا بينهم ولم يهملوا شيئا مما يمكن أن يلقي ضوءا على النمو العقلي عند هؤلاء الفنانين، وعلى النواحي الخاصة التي نبغوا فيها....وأدى البحث إلى نتيجة واحدة: ذلك أن الفنان ـ من حيث ذكاؤه العام ومن حيث موهبته الاصة ـ رجل مزود بهبات فطرية نادرة. غير أن الفرق في الدرجة لا في النوع، فالمقدرة على خلق العمل الفني ـ كالمقدرة على تذوقه ـ لا تتوقف على ملكة إضافية منعزلة عن مجرى حياتنا اليومية، وهي في درجاتها العليا ليست إلا إحدى ثمرات الحياة العقلية الطبيعية.

ويرى بعض الباحثين أن الفن ـ أيا كانت مظاهره ـ ليس في أصله إلا نوعا من اللعب، فالرجل الذي يصنع لحنا، والرجل الذي يستمع إلى لحن، كلاهما يشتغل بنوع من اللعب، كلاهما يلعب بانفعالاته، فالانفعالات قد وهبت لنا ـ لا من أجل نفسها ـ ولكن لما تثيرنا إلى الوصول إليه من الآثار العملية. إن كل وجدان وكل فكرة تميل إلى أن تحقق نفسها في حدث ما، فأحيانا يكون ذلك الحدث نافعا فنسميه عملا، وأحيانا يبدو وجود حدث زائد عن الحاجة فنسميه لعبا.

ووجه الشبه بين الاثنين هو أن كلا الفن واللعب يبدو عديم النفع رغم كونه مثيرا حافلا بالهوى والانفعالات. فاللعب ليس عملا، ومن هنا اعتبر مضيعة للوقت، والفن ليس شغلا، ومن هنا نظر إليه بعين الاحتقار. وهذا هو السر في أن الجدات في العصر الفكتوري (في إنجلترا) كن ينظرن بغير عين الرضا إلى الفنانين وإلى مظاهر اللعب.

إن الفنان في صالته والشاعر أمام مكتبه لا يختلفان عن الطفل في منزل الطفولة، فكلاهما في إنشائه لفنه ينفس عن وجدان زائد لم يجد إشباعا في عالم الواقع. وكذلك القارئ والمتفرج والسامع كلهم يروح عن نفسه بمعونة ما عند الفنان من مهارة فائقة. فليس الفنان إذن ولا الشاعر بمعني مباشرة بحقائق الحياة كما هي، ولا هو معادل رسم خطة لشيء نافع في الغد، ولا هو يحاول كذلك تسجيل حوادث اليوم. وهذا هو السر في أننا أحيانا نسمي العمل الفني عمل الخيال.

إن الدراسات التي قام بها علماء التحليل النفسي على الأحلام وأحلام اليقظة قد ألقت جانبا كبيرا من الضوء على عمل العقل عند الفنان، فالعمل الانشائي الذي يقوم به الفنان يكون في الغالب ـ مثل حلم اليقظة ـ نتيجة عملية لا شعورية، وما يبدو للعيان مجرد لمحة من الإلهام أو ميلا إنشائيا فريدا، إذا أنت فحصته بدا لك في طبيعته المعقدة منبعثا من ميول عدة، تعمل عملها في الأعماق تحت سطح الشعور، هذه الميول تستمر في عملها اللاشعوري ما بقيت مكبوتة، وتبقى آثارها بسيطة وغير مفهومة ما بقيت مصادرها خفية. ولكن متى تحقق الناس أن العقل ـ حتى في مشكلاته العادية ـ يقوم بسلاسل من النشاط اللاشعوري، تكشفت لهم ألغاز الانتاج الفني كل التكشف.

هذا في الواقع هو الشرح الذي يعطيك إياه الفنان. يقول ستيفنسون: إن الكاتب المنشئ العظيم يعرض علينا أحلام اليقظة ـ التي تجيش في أذهان الناس ـ في صورة محققة خالدة، وقد تكون حكاياته ممزوجة بشيء من حقائق الحياة، ولكن غرضها الحقيقي أن تشبع في القارئ عددا لا يحصى من الرغبات والأهواء، وأن تخضع للقوانين التي تسير عليها أحلام اليقظة. وهذا فولتير وقد جلس مرة في إحدى مقاصير المسرح يشاهد تمثيل مسرحية من مسرحياته وصاح متعجبا: أحقا أنا الذي كتبت هذا؟ ويقال أن كولريدج نظم أشهر قصيدة له وهو تحت تأثير الأفيون ، وأن بليك أعد هياكل أعظم صورة وهو في حالة نوم نشيط..

ولهذا لن نتردد في أن نقبل النتيجة الرئيسية التي وصل إليها التحليل النفسي وهو أن خير القصائد وخير الحكايات وخير الصور إنما هو أنتاج العقل الباطن...إن الانفعالات في الأنواع الرفيعة من الفن تبدو غير شخصية وغير متحيزة. وليس كذلك شأن الأهواء الذاتية التي تبعث فينا أحلام اليقظة السقيمة، والتي تقوم عليها الأفلام الرائجة بين سواد الشعب، والروايات الرخيصة..

وبحوث علم النفس لا تترك مجالا للشك في أن الفنان الحقيقي ـ الفنان ذا الروح الحساسة والخيال الشعري ـ تمر به هزة روحية، لا صلة لها بما تقتضيه مطالب العيش المادية الصاخبة. وقد يعتبر الفنان هذه الهزة شيئا جديرا في ذاته أن يحصل، أو قد يعتبرها رسولا شعاعا من النور من عالم القيم النهائية، ومن مصدر ذي شأن كبير في أعماق الحياة والوجود. ولكن مهما يحاول الفنان شرح تلك الهزة فإنها هي التي يريد أن يعبر عنها في صورته أو قصيدته.
.....................................................................................................
*علم النفس الديني سيريل بيرت. ص 80/90. بتصرف


الجمعة، 14 أغسطس 2015

علم النفس الديني: حاسة الجمال

   


هل الجمال في الواقع موضوعي، ومم يتألف؟ ما هي بالضبط تلك الخاصة التي تمكننا حاسة الجمال من إدراكها؟ أين نضعها؟ أو تحت أي باب ندخلها بين الموضوعات الأخرى التي يحتويها عقلنا؟

قبل كل شيئ هناك شيء واضح وهو أننا حين نتكلم عن حاسة الجمال، لا يكون الجمال في الاصطلاح الدقيق حسا، إذ أننا لا ندركه عن طريق عضو حسيّ ومخصص لهذا الغرض كما خصصت العين للألوان والأذن للأصوات. كذلك نستطيع أن نقول إن الجمال ليس صورة ذهنية أو فكرة أو مجرد حزمة من الروابط. وتسميته شعورا أو إحساسا إنما يزيد المسألة غموضا لغموض كلمة (إحساس Feeling) وعدم تحديد معناه. فلنسأل إذن ما هي الفرص أو المناسبات التي ندرك فيها الجمال؟

إنما يبعث الحس بالجمال عندما ننظر إلى موضوع مركب إلى درجة ما. فالحس البسيط لا يستطيع ولن يستطيع أن يبعث الجمال. انظر إلى صفحة بيضاء من الورق، أو إلى حقل قد كساه برد الشتاء ثوبا أبيضا رقيقا، إنه مجرد البياض مهما كان صافيا لا يمكن أن يكون جميلا، إنه قد يبعث لذة، على أن ومضة من اللذة ليست حسا بالجمال.

ولكن خذ قطعة ن الورق وقسمها إلى مربعات وأشكال رباعية فإنك لا تلبث أن ترى أن بعض الأشكال جميلة، وأن بعضها أجمل من بعض..

عندما يطلب إلى جماعة من الناس أن تحكم على جمال شيء ما، قلما تفكر في الواقع في جماله مطلقا، وأحكامها التي تصدر عنها ليست ذوقية، ولكنها شخصية، ويبدو أن كثيرا من العوامل لا شأن لها تؤثر فيها، وإذا كنا هكذا متأثرين في حياتنا الشعورية بعوامل متنوعة فما أعظم ما يستهدف له حكمنا من تحيز إذا أثرت فينا هذه العوامل تأثيرا لا شعوريا.

على مثل هذا الإحساس في الغالب بنى كثير من النقاد وعلماء النفس رأيهم في أن الجمال ذاتي محض، وأن التفضيل الفني ليس إلا مجرد ثمرة لذوق شخص خاص يختلف حسب اختلاف الفرد والعصر. إن الشهوات الذهنية تجيء وتذهب، وعند بعضهم إن كل شيء في الفن نسبي، فليس هناك شيء حسن أو قبيح، وإنما التفكير هو الذي يحسّن أو يقبح.

ولكن هبنا طرحنا جانبا هذه الروابط غير الأصيلة في الموضوع، من مثل الأزياء والأوهام واللوازم التي تجلب الغموض إلى حاسة الجمال عندنا، هبنا جردنا أنفسنا تماما من كل انفعال شخصي ومن كل مصلحة شخصية....فهل يبقى بعد ذلك أي أساس مكين لتفضيل شيء على آخر؟ وهل هناك أي شيء يمكن أن يجده كل شخص جميلا في ذاته ولذاته؟

أنا أعتقد أن هذا قد يكون، واعتقادي قائم على أسس من التجربة والمشاهدة...إذا كان الشعور بالجمال عاما، وإذا كان هذا الشعور رغم العوامل الأخرى، يحدث نفس التأثير فينا جميعا، فإنه يُستنتج من ذلك أن الجمال نفسه ليس متوقفا كل التوقف على المصلحة أو الهوى الشخصي، بل يبدو في الواقع..فنحن نرى الجمال لأنه هناك ليرى، وليس الجمال شيئا نخترعه أو نتصوره بأنفسنا، إنه شيء نحسه ونجده، إنه بالاختصار يحل في الموضوع الجميل.

على أن هذا لم يكن الرأي المقبول بين النقاد والفلاسفة السابقين الذين كتبوا في الجمال، فإلى عهد قريب كان الرأي الحديث يميل إلى الجهة المعارضة، إلى اعتبار أن الجمال ليس صفة في الأشياء الخارجية، أشجارا كانت أم أزهارا، وقصائد أم صورا، وإنما هو أثر وقتي لحالة من حالات العقل. فكلمة (جميل Beautiful) مثل كلمة (جدير بالحب Lovable) تستعمل التصور صفة أو كيفية نطلقها نحن في بساطة على الموضوع، وهي في الواقع إنما نقرر أن الموضوع في أنفسنا. فالسكين ليست مؤلمة حتى توجع، وكذلك غروب الشمس لا يكون جميلا حتى يشعر شخص ما نشوة ذوقية عند النظر إليه. ويضيف أصحاب هذا الرأي إلى ما تقدم أن هذا هو السبب في اختلاف الأذواق، فحيث أرى جمالا قد ترى أنت سوء تكوين، والسبب في ذلك أنني أحس انجذابا نحو الشيء على حين تحس أنت نفورا وابتعادا.
.............................................................................
* علم النفس الديني. سيريل بيرت. ص 64/97 بتصرف

السبت، 8 أغسطس 2015

علم النفس الديني ـ 2 -


وعندما نتحول من الهمجي إلى الطفل نجد نفس الانفعالات على الدوام منبعثة، فالطفل الصغير يحس رهبة مشابهة نحو أبيه وأمه، وموقف الطفل نحو أبيه ـ كما يبين التحليل النفسي ـ يشبه موقف الكبير من ربه، وهكذا يتصور الهمجي ذلك (الرجل الكبير) الذي يعبده على صورة الوالد الكبير. أضف إلى ذلك أننا حين ندرس الحياة الأخلاقية عند الطفل نجده مشغولا انشغالا خاصا بثالوث من الأشخاص، أبويه ونفسه. ومما يبدو ذا مغزى أن كثيرا من الديانات والأساطير الدينية الأولى، بل معظمها يتركز حول مجموعة ثلاثية من الأشخاص تشتمل في العادة أبا وأما وابنا: فمثلا أورانوس أو السماء، وجايا أو الأرض، وابنهما كرونوس في الأساطير الإغريقية الأولى، وأوزيرس وإيزيس وحورس في الأساطير المصرية، وأدوم وأوكويا وأبريبو في خرافات القبائل النيجيرية. فالطفل يتجه بفطرته إلى أبيه وأمه ابتغاء الأمن والراحة والوفاية، وهو ميال إلى أن ينسب إلى كليهما أو لأحدهما المعرفة الكاملة والخير الكامل والقدرة على الخلق وعلى التدبير، وهذه هي نفس الصفات التي ينسبها المتدين لأربابه الأعلين. ولقد ذهب هربرت سبنسر إلى أن معظم نظريات الدين وشعائره تطورت من عبادة الأسلاف في الزمن البدائي، إذ كان أفراد القبيلة يعبدون سلفهم المقدس الذي تحدروا من صلبه.

إذا كان النفس قد كشف كيف تطور الشعور الديني، فليس يلزم على هذا أنه قد حط من شأن الدين أو أبطله أو فسره بما يذهب بقيمته. وحتى لو صحّ أن الموقف الديني موقف طفولة، فمن الجائز جدا أن يكون هذا أحسن موقف، بل ربما كان الموقف الوحيد الذي يمكننا أن نتخذه عندما تواجهنا معضلات الوجود المجهولة.

إن العالِم كثيرا ما يميل إلى اعتبار السحر والدين كأن كل واحد منهما لون آخر فقير من ألوان العلم، إن الدين عند الهمجي كثيرا ما أخذ مكان العلم: فقد كانت معلوماته العملية عن الزراعة ضئيلة فلجأ إلى الأضاحي والرقى، وكلما أراد أن ينمو زرعه أحرق شابا مطهرا، وعلى قربانه نار بطيئة الاحتراق، والسر في اختيار نار رقيقة على هذه الصورة هو إطالة الوقت حتى تكثر دموع الضحية، فعلى قدر غزارتها يغزر المطر، ولكي تكون التضحية نافذة الأثر وجب أن يختار لها فصل خاص هو أيام الفصح أو أوائل الربيع.. وإلا لن يتأثر المحصول بها. وقد كان من واجبات رجال الكهنوت أن يحسبوا الوقت المناسب لهذا الغرض، جاعلين حسابهم على ارتفاع الشمس. وفي هذا يلتمس بعض الباحثين مبادئ التفكير العلمي والملاحظة العلمية.

إن الدين في يد باحث القرون الوسطى كثيرا ما أصبح علما منظما للوجود كله، ووجهة النظر هذه لا يزال يأخذ بها اللاهوتيون الرسميون. ولكن ديانة الجماهير الغالبة من الناس ليست في أساسها مجموعة من المعتقدات الذهنية، فالدين الذي يصبح ذهنيا خالصا سرعان ما يفتقد كونه دينا، إذ يصبح فرعا من الميتافيزيقا. ومع ذلك فلا العلم ولا الميتافيزيقا في شكلهما الحاضر يعطيان صورة ـ نهائية أو مقنعة ـ للوجود وعلاقته بالفرد الإنساني. ولهذا تجد معظم الناس ـ مهما كانوا حكماء ومستنيرين ـ يشعرون بالحاجة إلى شيء ما (وقد يكون هذا الشيء وقتيا محضا) يطمئن أحاسيسهم ويقوي إرادتهم.
ابزو 2015
......................................................................................................................
* سيريل برت. علم النفس الديني. ص 13/15. (بتصرف).

الأربعاء، 5 أغسطس 2015

علم النفس الديني ـ 1 ـ


أول مسألة يواجهها علم النفس الديني هي: كيف ينشأ الدين وكيف يتطور وينمو؟ فهو لهذا يحاول أن ينفذ إلى البواكير الأولى للدين، وهناك ـ في سلوك المتوحشين الفطري وفي أوهام الطفل الصغير ـ يجد ما يشبه أن يكون مقدمة للعبادات الراقية عند الكبير المتحضر. وقد تقدم لمعونته أخيرا في هذين الميدانين علما الأجناس والتحليل النفسي.

لقد ظل الباحثون يفترضون أن التصورات الدينية الأولى عند المتوحشين نبتت من اعتقادهم في الأرواح، التي قد يتخذ الكثير منها ( أو واحد منها) آلهة تعبد. ونحن مدينون للعالم تايلور E.B. Taylor بلفظة أنينيزم Aninism ومعناها القول بحيوية الأشياء، وهي النظرية التي تذهب إلى أن الاعتقاد في الأرواح يعطينا أضيق تعريف ممكن للدين. هذه التصورات الدينية تكاد تبدو عامة في مراحل معينة من تطور الإنسان، ولكن من المفضل أن نقرر كيف بدأت أول ما بدأت. ولعلها نبعت في الغالب من الحقيقة المعروفة أن المتوحشين ـ كالأطفال والعرافين ـ ذوو صور ذهنية بصرية واضحة، ولما لم تكن لديهم كلمة سيكولوجية مناسبة تصف مثل هذه الصور الذهنية، تحدثوا عنها كأنها أطياف. ففي الغابة أو بين القبور ـ حيث يخيم الظلام فيمنع رؤية الأشياء ـ يرى الفطري في خياله أولئك الذين غابوا عنه أو ماتوا، ويخيل إليه أن أصدقاؤه يجيؤون لزيارته وهو نائم ليلا. حتى إذا صحا وفكر في تلك الرؤى الغريبة بدأ يملأ الدنيا بأطياف وأشباح رقيقة ضعيفة شبه شفافة، وكذلك شأن الصور الذهنية في العادة. وليست هذه الأشباح في الحقيقة إلا إبرازا (أو عكسا) للكائنات أو وهمية التي يراها في أحلام نومه ويقظته.

أما فان سير جيمس فريزر فقد فرق بين الدين والسحر إذ يقول إن عصر السحر قد سبق عصر الدين في كل مكان. وهو يعتبر السحر نوعا من العلم البدائي ، فالساحر ـ سائرا على ضوابط تقليدية متوارثة ـ يحاول أن يثير الريح بالصفير، أو أن يجلب المطر بأن يلوح بفرع نخل قد غمسه في ماء حار..إن غلطة الساحر هي أنه يختار العلة الخطأ، فهو يفضل أن يفترض أن الشبيه يحدث الشبيه على أن يبحث عن القوانين الخفية للطبيعة، في دراسة للحقائق هادئة وصبورة.

إن العمل يشمل الاحساس والعمل كما يشمل الملاحظة والاستنتاج، وفي العادة تندفع الأحاسيس والأعمال إلى الظهور أولا، أما الاعتقادات فإنها تنبعث متأخرة لتبرر هذه الأحاسيس والأعمال تفسرها.

إن الدين مدين لميلاده إلى بعض غرائز غامضة ولكنها عامة يشترك فيها الجنس البشري كله، وهي غرائز الخوف والعجب والخضوع والإعجاب أي ما يصح أن نسميه في كلمة واحدة (الروع) أو (التقى). فمعنى الشيئ الرائع يغمرنا قبل أن نكون لأنفسنا رأيا واضحا عما فوق الإنسان أو فوق الطبيعة بأمد طويل. فعندما تهب العاصفة على قرية من قرى الزولو يهرع السكان إلى الخارج ويصيحون في وجهها. ولا تبدو صيحاتهم أكثر من صيحات فزع وضيق..

وهناك أنواع كثيرة من الأشياء تؤثر في انفعالاتنا، في طريقة غير مفهومة على ما يظهر، فالرعد والبرق والأجساد الميتة والدم، كل أولئك رائع مخيف، فمجرد رؤية هذه الأشياء يحزن الهَمَجي، إنه يتوهم أن لها نوعا من القوة الخفية ووضع لها كلمة اصطلاحية هي ( مانا ) عند سكان المحيط الهادي..هذه الكلمة تشير إلى قوة نفسية لا قوة مادية ولها خاصية إثاراة الانفعالات، وتحل في الكائنات..

والهمجي، إذ يؤمن بهذه القوة ـ قد يحاول في حذر أن يخضعها لنفسه، فقد يشرب دم الجاموسة، أو يأكل لحم العدو رجاء أن يحصل على ما بهذه أو ذاك من ( مانا ) فيخافه ويخشاه رفاقهن أو أعداؤه..

قد يبدو غريبا ـ أول الأمر ـ أن نجد في الديانات الراقية في هذه الأيام أنواعا من العادات والمعتقدات مستمرة في وجودها على ما هو ظاهر من إنها من بقايا العصر الهمجي أو عصر ما قبل اتاريخ. وتعليل هذا أن انفعالاتنا الموروثة لم تتغير ذرة واحدة عما كانت عليه عندما فارقنا عهد البربرية، فلا تزال تَنْبَعِث فينا الرهبة والروعة تَبعَثها نفس الموضوعات والحوادث من الدم والمرض والخطيئة وأزمات الحياة ومصائبها والميلاد والزواج والموت المفاجئ والقوى الغامضة التي يبدو أن لها أصبعا في كل ما يحلّ بنا.
..........................................................................................................................

* سيريل برت. علم النفس الديني. ص 9/13. (بتصرف).

حالة الطقس في مراكش

الثقافة السّمخية والكائن السمخي تأملات وخواطر عن الكتابة الكائن السمخي أولا: "الكتابة السمخية" 14. الكتابة السمخية والنكاح. الجزء الثالث: النكاح في الثقافة الإسلامية

1. أشهر مؤلفات الفقهاء في النكاح فطن رجال الدين لأهمية الحياة الجنسية عند الإنسان المسلم، فكتبوا العديد من الكتب تتعلق بالجنس تنقل لنا خبرات...