tout droit résérvé

© Copyright
Tous droits réservés

الترحيب بالزوار

مرحبا بك في موقعنا ! للبحث عنا من جوجل يمكنك كتابة "فرحات المصطفى" أو "FARHAT MUSTAPHA" ! لا تنس جعل المدونة الصفحة الرئيسية لمتصفحك!

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة
ميمي نت

آخر الأخبار

آخر الأخبار
2. قالوا عن السلم: * "لا يوجد طريق للسلام، فالسلام هو الطريق." (مهاتما غاندي) - * "من يُريد السلام يجب أن يُستعد للحرب." (أرسطو) - * "السلام هو زهرة تنمو من التربة التي تسمى الحب." (ليون تولستوي) - * أستطيع أن أكون الأسوأ دائماً، لكنني أملك قلباً يرفض جرح الآخرين. (نيلسون مانديلا) - * "نتيجة الحروب خلق اللصوص ونتيجة السلام قتلهم" (جورج هربرت) - * " كان ديكان يعيشان في سلام حتى ظهرة دجاجة" (مثل فرنسي) - * "السلام هو الأم المرضعة لكل بلد" (هزديوس) * القلب المتمتع بالسلام يرى عرسا في كل القرى" (مثل هندي)

الخميس، 28 مارس 2024

الثقافة السّمخية والكائن السمخي تأملات وخواطر عن الكتابة أولا: "الكتابة السمخية" 15. شعراء الصعلكة (حرب العصابات) ومواجهة السلطة الجزء الثاني: التمرد الأح

     الكائن السمخي هو الشخص  الذي علق في الرمال المتحركة للكتابة السّمخية قولا وفعلا، وصعب عليه الفكاك من شراكها، واستحال عليه إنقاذ نفسه وإنقاذ غيره من فخاخها.

تتجلى السلطة هنا بجميع انماطها من سلطة الحاكم او المجتمع او الفرد او سلطة الايدولوجيا أو العادات و التقاليد... 

   قالوا عن سرقة الأغنياء:

* «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.»

* امرأة من بني مخزوم سرقت، فأمر النبي ﷺ بقطع يدها.

* "لا بد للرب من أن يبيح السرقة أحياناً، من أجل إطعام الأطفال". – غابرييل غارسيا ماركيز

الصُّعلوك :الفقير الذي لا مال له. ولا أحد يعتمد عليه. وكان يُطلق على عصابة من الشعراء العرب الذين تمردوا علي أعراف القبيلة، فطردوا منها وتبرأت قبائلهم منهم. فاتخذوا من الصعلكة مهنة وحرفة يقتاتون منها، فأغاروا وسلبوا ونهبوا أموال الأغنياء، وقوافل التجار، واعتبروا السرقة حق مشروع، وللفقراء فيها نصيب. والشعراء الصعاليك ثلاثة فئات:

الأولى: الخلعاء الذين طردتهم قبائلهم لأعمال مشينة صدرت عنهم.

الثانية: أبناء الإماء الحبشيات السود الذين رفض أباءهم الاعتراف بهم ولم يلحقوهم بأنسابهم.

الثالثة: فئة المحترفين الذين احترفوا الصعلة وحولوها إلى فروسية وبطولة.

ويمتاز الشاعر الصعلوك بالشجاعة والصبر، وقوة التحمل. كما ضربت بهم  الأمثال في سرعة العَدو،. فيقال:  "أعدى من السليك" و"أعدى من الشنفرى". يقال عن تأبط شرًّا أنه "كان أعدى ذي رِجلين وذي ساقين وذي عينينِ، وكان إذا جاع لم تقُم له قائمة، فكان ينظرُ إلى الظباء، فينتقي على نظره أسمنها، ثم يجري خلفه، فلا يفوته، حتى يأخذه فيذبحه بسيفه، ثم يشويه فيأكله". ويحسن الشاعر الصعلوك ركوب الخيل، والإغارة عليها. لم تكن نهاية حياة هؤلاء الشعراء طبيعية أبدا.

وتتردّد في أشعار الصعاليك صيحات الفقر والجوع والحرمان والنقمة على الأغنياء والبخلاء، اللذين يتهمهم الصعاليك بالتسبب في ما آلت إليهم أحوالهم من فقر وضنك عيش، وسيؤدّون الثمن غاليا. ، فكانوا يغيرون على القوافل وأحياء العرب فينهبون ويسلبون ويغنمون ما يرونه حقا لهم اغتصبه زعماء وأسياد القبائل. ومن الشعراء الصعاليك التي تتردد أسماؤهم في كتب التاريخ:

1. عروة بن الورد: لُقّب ب "عروة الصعاليك" و "أبي الفقراء" و "أبي المساكين".  عاش قبل الإسلام. ويعد من سادة وفرسان وشعراء العصر الجاهلي، ومن أكثر الصعاليك شهرة. اتسم بالكرم والجود. كان الصعاليك يلجؤون إليه عندما تضيق بهم سبل الحياة، ولا يجدون مخرجا، فينظمهم في عصابات، ويغير بهم، فيسلبوا وينهبوا ويعودون غانمين. وكان يختار ضحاياه من أغنياء القبائل المعرفون بالبخل.. وعرف عليه أنه يسرق الأغنياء ويعطي للفقراء.. وتوفي  عروة في إحدى غاراته. قال معاوية بن أبي سفيان: "لو كان لعروة بن الورد ولد لأحببت أن أتزوّج إليهم". قال عروة مدافعا ومعللا صعلكته عندما منعته زوجته من الإغارة:

دَعيني لِلغِنى أَسعى فَإِنّي ***** رَأَيتُ الناسَ شَرُّهُمُ الفَقيرُ

وعلى نفس مقاس عروة بن الورد، شُكّل روبن هود. وهي شخصية أسطورية إنجليزية ترجع إلى القرن الرابع عشر الميلادي، ويقال: إنه كان يسرق من الأغنياء ليعطي الفقراء، لهذا أصبح بطلاً أسطورياً، موضوعا للروايات الشعبية والأشعار والمسرحيات والأفلام السينمائية. ومثلهما شخصية آل كابوني الأمريكي الذي يسرق الأغنياء ويعطي للفقراء.

2. تأبط شرا: البقاء للأقوى، هي مقولة صادقة في كل مكان وزمان، لأنها قانون الطبيعة، والأغنياء يحفظونه عن ظهر قلب، جربوها، وأخذوا العبر. الصعاليك يعرفون أيضا، أنهم إذا صبروا على الجوع سيتحولون إلى كلاب تبصبص بأذنابها لياكلوا فضلات الأغنياء. لهذا فضل تأبط شرا مغادرة القبيلة العيش في الفقر والتشرد على البقاء في بيت زوج أمه التي شجعت زوجها على قتل ابنها. تمرد الشاعر مبكرا، والتحق بعصابة الصعاليك، واعتبروه إضافة كمية ونوعية للجماعة. اشتهر بسرعته في العدو. تقول بعض المصادر: " كان إذا جاع لم يلبث في مكان حتى يأتي بطعامه فكان ينظر إلى الظباء فينتقي واحدًا ثم يجري خلفه فلا يفوته يتمكن منه فيأخذه ويذبحه ثم يشويه ويأكله." اختلف المؤرخون في سبب موته فبعضهم ذكر أن أفعى لدغته، والبعض الآخر يقول بأن قتل رميا بالسهام. عاش قبل ظهور الإسلام.

3. مالك بن الريب: ولد في زمن الخليفة عمر، ومات في حكم الخليفة معاوية. عاش وهو مؤمن بأن الحق لا يؤخذ إلا بالقوة، ولا سبيل لحياة كريمة ـ خصوصا عندما يكون الفقر شريكا لك ـ إلا السلب والنهب. وكغيره من الشعراء غير المحظوظين فقد كان شاهدا على حياة الفقر والفاقة والظلم... الذي يعيشه أبنا الأمة الإسلامية، بينما ينعم الأمويون بالثروات والبذخ والغنى والجاه... رفع راية العصيان وقرر التمرد والثورة، وشكل عصابة من ذؤبان العرب وقطاع الطرق . يقال أنه كان نبيلا وشجاعا وكريما. قيل في موته أنه أراد أن يلبس خفه فلسعته أفعى كانت بداخله.

           4. شظاظ الظبي: وكان من أعمدة عصابة الصعاليك. لا أحد يستطيع مجاراته في النهب والسلب حتى سار مثلا يضرب. يقول العرب: "ألصّ من شظاظ"، ومنهم أيضًا أبو حردبة بن أثالة، وغويث بن كعب، وقد وُجِّهت الكثير من الحملات للقضاء على تلك العصابة لكنها كانت دائمًا ما تبوء بالفشل.

          5. أبو خراش الهذلي: أشهر صعاليك قبيلة هذيل أدرك الإسلام فأسلم وهو شيخ كبير. كان من الفتاك الأقوياء، عرف بسرعة عدوه، وقيل إنه كان يسبق الخيل. من أشعار صعلكته:

وإني لأثوي الجوع حتى يملني **** فيذهب لم يدنس ثيابي ولاجرمي

مخافة أن أحيا برغم وذـــــــلة **** وللموت خير من حياة على رغم

قيل إنه قتله يوم حنين مأسورًا وجميل.

        6. أبو النشناش النهشلي: شاعر من لصوص العرب،. كان يغير ويسطو على قوافل التجار التي تسافر بين الحجاز والشام. وكمن له جنود عمال الخليفة مروان بن الحكم الأموي،  فتمكنوا منه، وقبضوا عليه في إحدى غاراته وفي إحدى غاراته على القوافل بين طريق الحجاز والشام فتم فحبس الخليفة، وقيده، إلا أنه تمكن من الفرار من حبسه. ومن شعره:

ولم أرَ مثلَ الفقرِ ضاجعَهُ الفتى **** ولا كسواد الليلِ أخفقَ طالبُهْ

         7. الشنفري: من "اليمن". حدث خلاف بينه وبين قبيلته فانتقل إلى قبيلة "فهم" المعروفة بكثرة لصوصها. . وانتقاما من قبيلته فإنه كان يغزوها، ويغير عليها وحده أو مع عصابة من الصعاليك. عاش حياة الصعلكة.  عرف بالسرعة في العدو. فكان يغير على أعدائه عدوا. يغزو على رجليه وحده أو في نفر قليلين من الصعاليك العدائين الفتاك ورجل اسمه المسيب وأسد بن جابر . وكذلك كان يضرب المثل به في الحذق والدهاء. ويصرب به المثل في سرعة العدو والقفز. وإليه تنسب قصيدة "لامية العرب". ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واليونانية.. فهي تعبير صادق عن حياة العربي وأخلاقه زمن الجاهلية، وتعبر عن فلسفة الشعراء الصعاليك، وتوثق لحياتهم... ويروى أن الخليفة عمر بن الخطاب أو النبي محمد  صلى الله عليه وسلم قال: "علموا أولادكم لامية العرب فإنها تعلم مكارم الأخلاق.".. وجاء فيها:

أقيموا بني أمي، صدورَ مَطِيكـــــــم ****  فإني، إلى قومٍ سِواكم لأميـــــــــلُ

فقد حمت الحاجاتُ، والليلُ مقمــــــرٌ **** وشُدت، لِطياتٍ، مطايا وأرحُـــــلُ

وفي الأرض مَنْأيً للكريم عن الأذى**** وفيها، لمن خاف القِلى، مُتعــــــزَّلُ

لَعَمْرُكَ ما بالأرض ضيقٌ على امرئٍ**** سَرَى راغباً أو راهباً، وهو يعقـــلُ

توفي نحو  525 م..

          8. الأُحَيمِر السَعدي:  شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كاعتبر من ألصّ الصعاليك وأفتكهم. من سكان  أهل البادية. كان يقطع الكريق في العراق. فجد أمير البصرة سليمان بن علي في طلبه، لكن الشاعر غادر بغداد مما أغضب الوالي فأهدر دمه. وبلغ قبيلته الخبر فتبرأت منه حتى لا تحمل وزره. فلجأ إلى الفلوات والجبال يحتمي بها، ومنه يشن غاراته. روي عنه قوله: "صرت إلى مواضع لم يصل أحد إليها قطّ قبلي، وكنت أغشى الظباء وغيرها من بهائم الوحش فلا تنفر منّى، لأنّها لم تر غيرى قطّ. وكنت آخذ منها لطعامي ما شئت، إلا النعام، فإنّي لم أره قط إلا شاردا فزعا." كانت فلسفة الأحمير السعدي تقوم على أساس الدفاع عن حق المظلومين والمهمشين والمنسيين من أجل رفع الظلم عنهم ليعيشوا حياة كريمة وعادلة. يقول:

وإني لأستحي لنفسي أن أرى  ****  أمرّ بحبل ليس فيه بعير

              ومن أبيات شعره السائرة قوله:

عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذا عَوى **** وَصَـوَّتَ إِنـسـانٌ فَـكِـدتُ أَطـيـرُ

            لقد تشكل لدى شعراء الصعاليك ميل ثوري ضد الأغنياء. وتعاطف قوي وصادق اتجاه ومع الفقراء. فكان مضاء سيوفهم وحدة رماحهم وسرعة عددهم حلا لمعضلة الفقر. فعاملهم أصحاب السلطة والمال معاملة اللصوص، ونظر إلبهم الفقراء باعتبارهم أبطالا ومخلصين، أحبوهم، وخصوهم بحكايات وأخبار أقرب إلى الأساطير والخيال أما الصعاليك أنفسهم، فتركوا إرثا ثقافيا شعريا لا يموت، غني بمآثرهم، وإنجازاتهم وفلسفاتهم في المجتمع، وفي الحباة والموت. ومن الشعراء الذين لم نذكرهم: (لمن أراد الاستزادة)

           السليك بن السلكة - مرة بن خليف الفهمي - البراض بن قيس الكناني - الحارث بن ظالم المري - عبيد بن أيوب العنبري -  حاجز بن عوف الأزدي - الأطيلس الأعسر البقمي - أبو منازل السعدي - الخطيم بن نويرة العبشمي -  القتال الكلابي - فضالة بن شريك الأسدي - صخر الغي - الأعلم الهذلي  - أبو الطمحان القيني - طهمان بن عمرو الكلابي .

يتبع

 السلطة والشاعر المهرج

الخميس، 21 مارس 2024

الثقافة السّمخية والكائن السمخي تأملات وخواطر عن الكتابة أولا: "الكتابة السمخية" 15. شعراء الكدية (التسول) ومواجهة السلطة الجزء الأول: التمرد الأبيض

  الكائن السمخي هو الشخص  الذي علق في الرمال المتحركة للكتابة السّمخية قولا وفعلا، وصعب عليه الفكاك من شراكها، واستحال عليه إنقاذ نفسه وإنقاذ غيره من فخاخها.

تتجلى السلطة هنا بجميع انماطها من سلطة الحاكم او المجتمع او الفرد او سلطة الايدولوجيا أو العادات و التقاليد... 

في الوقت الذي كان فيه الفكر الحر يعاني أزمته ـ سبق وأن أشرنا إلى ذلك في  المقالات السابقة ـ ضدّ كل ألوان السلطة، واجه بقوة وشجاعة بالوسائل والإمكانيات المتاحة كالتضحية بالنفس، أو بإحراق الكتب، أو الاحتماء بالصمت، أو التراجع عن المبادئ... اختارت فئة من الأدباء  الاستسلام لإرادة السلطة وتبنت نهج النواح والعويل والبكاء والاستجداء. وهي الفئة التي خصصنا لها هذا الحديث.

 يظهر التمايز الاجتماعي في المجتمع الإسلامي زمن الكتابة السّمخية بشكل صارخ: فهناك جماعة الخلفاء والولاة والوزراء وكبار القادة، يتمتعون ويستمتعون بما لذّ وطاب من الطعام والمذام، والجواري الحسان، من فرس وروم وعجم، وأجمل وأثمن الأقمشة واللباس من الديباج والحرير، مطرزة بخيوط الذهب، وهم قلة. وفئة الفقراء التي تفتقد إلى أبسط المعاش، تتضور جوع، وبردا، وسقما.  مسحوقة نفسيا وجسديا،  بالكاد تدبر قوت يومها من مأكل ومشرب. هذه الفئة هي التي أنتجت لنا شعراء التسول، وظاهرة "أدب الكدية".ومن أشهر الكتابات التي تناولت هذه الظاهرة "مقامات" بديع الزمان الهمذاني (ت: 398 هـ)، وبطلها أبو الفتح الإسكندري، البطل المغامر والنموذج المثالي للشعراء المكدين الذين كانوا بتجولون في أنحاء الدولة الإسلامية  طلبا للكسب والغنى.   

1. قالوا عن الفقر

* إذا سافر الفقر إلى مكانٍ ما، قال الكفر خذني معك.  * "عجبت لمن لا يجد قوتا في بيته أن لا يخرج إلى الناس شاغرا سيفه." ( أبو ذر الغفاري )

                       * ربَّ علمٍ أضاعَ جوهرَه الفقرُ … وجهلٍ غَطىَّ عليه الثراءُ (حسان بن ثابت)

                            *  يمشي الفقيرُ وكلُّ شيءٍ ضِدَّهُ *** والناسُ تغلقُ دونهُ أبوابَهـــــا

                              وتراهُ مبغوضاً وليسَ بِمُذنبٍ *** ويرى العداوةَ لا يرى أسبابَها 

                              حتى الكلابَ إذا رأت ذا ثروةٍ *** خضعت لديهِ وحرَّكَتْ أذنابَهــا 

                        وإذا رأت يوماً فقيراً عاـــبراً *** نَبَحَتْ عليهِ وكَشَّرَتْ أنيابَهــــا (الإمام الشافعي)

*  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يدْخل الْفقراء الجَنة قَبل الْأغنيَاء بخمسمِائة عَام ونِصف يَوم" أخرجه الترمذي في "جامعه".

* الفقر لا يصنع ثورة، وإنما وعي الفقر هو الذي يصنع الثورة... الطاغية مهمته أن يجعلك فقيرا، وشيخ الطاغية مهمته أن يجعل وعيك غائبا" (كارل ماركس). 

        2.  الشعراء الفقراء (شعراء الاستجداء "الكدية"): أطلقت عليه عدة ألقاب ونعوت وصفات: "شعراء القاع" ـ "شعراء الهامش" ـ "الشعراء المنبوذون" ـ "الشعراء المعوزون" ـ دخلوا الحياة، وخرجوا منها صفر اليدين. فشلوا في تحقيق حياة كريمة وشريفة تلقين بالإنسان الذي كرّمهُ الله، ووجدوا أنفسهم عاجزين بلا سند ولا مدَد،  مرغمين على مواجهة هذا المصير المؤلم بأساليب متنوعة ومختلفة باختلاف أمزجتهم ونفسياتهم، وإمكانياتهم وأحوالهم الاقتصادية، ووضعياتهم الاجتماعية... فحاولوا استدرار عطف الأغنياء بالإفصاح عن مكابداتهم ومعاناتهم موظفين  لغة بسيطة، صادقة مستقاة من الوسط الذين عاشوا فيها. هؤلاء الشعراء الفقراء، "المظلومين" المستباة حقوقهم ثلاثة أصناف:

 الصنف الأول:  اكتفى بالاحتجاج السلمي وتقبل المهانة، والرضا بما قسمه الله، وسعى في الأرض يستجدي ليكسب قوت يومه وعياله. ومارس ما سميتاه ب"التمرد الأبيض" 

الصنف الثاني: تمرد على سلطة القبيلة، والخليفة، والمجتمع، والدين... استهان بالمقدس والمدنس، واتخذ من السطو، والإغارة على الأغنياء حرفة يقتات منها، إنه الشاعر الصعلوك، وسمينا فعله ب "التمرد الأحمر". (خصصنا للشعراء الصعالليك  فصلا خاصا)

الصنف الثالث: حول نفسه إلى مهرج، وسفيه، ومنحط، تحامق، وتماجن، وأصبح أضحوكة ومسخرة للأغنياء، ينفذ ما يطلب منه، ليرفه عنهم، وسمينا ما يقوم به ب "الانبطاح المهين".    (خصصنا لشعراء التدجين فصلا خاصا) 

3. الشعراء الفقراء والتمرد الأبيض: يطلق عليهم في الكتب السمخية شعراء الكدية. الكدية لغة : صلابة في الأرض. واصطلاحا: التسول والإلحاح في طلب الحاجة. ومن بين شعراء الاستجداء الذين احتفظت ذاكرة التاريخ بأسمائم نذكر:

3/1. الشاعر أبو الشمقمق: (معنى الشمقمق: الطويل.) وصفه كاتب سمخي فقال: "كان قبيح المنظر، عظيم الأنف، واسع الشّدقين. أما أخلاقه، فقد كان فيها غلظة، مع خبث في لسانه، على أنه كثير الهزل والفكاهة، قليل الجدّ، إذا هزل كثر خطأه، وإذا جدّ كثر صوابه." وليقربنا الشاعر من نمط الحياة التي يحياها وصف لنا بيته قائلا:

                           فمنزلي الفضاء وسقف بيتي **** سماء الله أو قِطع السّحـــــاب

                           فأنت إذا أردتَ دخلتَ بيتــي**** عليّ مُسَلّما من غير بــــــــاب

                          لأني لم أجد مِصْراع بــــاب **** يكون من السّحاب إلى التراب

ويسترسل في وصف معاناة أطفاله، وزوجته من سوء الحال والأحول، مازجا  الوصف بالشكوى المريرة، مُلقيا جام غضبه على المجتمع، وأولي الأمر منهم،  خصوصا من يملكون ولا يجودون... ونجد في نصوص كثيرة  مثل هذا الوصف الساخر لعوزه  الذي ينمّ عن عجز الشاعر في مجاراة كبار شعراء عصره الذين نالوا عطايا الخلفاء، وعاشوا في بحبوحة العيش. قال ابن عبد ربه: "كان صعلوكا متبرما بالناس، وقد لزم بيته في أطمار (أثواب) مسحوقة." ومن أشعاره:

                             في مبيتٍ من الغضا قفـْـــــــــر **** ليس فيه إلا النوى والنخاله

                             عطلته الجدردان من قلة الخي **** ر وطار الذباب نحو زباله

 وكان بشار يعطيه كل سنة مائتي درهم، يسميها أبو الشمقمق جزية.

3/2. أبو فرعون الساسي: (أبو الفقر). شاعر عباسي، عاش  فقيرا معوزا، وعانى كثيرا لإعالة أسرته. فحفل شعره بالصور المعبرة عن حجم المعاناة التي يعانيها على أمل أن يجد كريما عزيزا يخفف عنه الوزر وينقذه من العوز. وصفه كاتب سمخي فقال: "أبو فرعون هذا  شيخ قصير، عظيم الهامة، كث اللحية، عاش في البصرة في العصر العباسي، و كان بدوياً، إعرابيا، سائلاً. " (السائل: الذي لا يصبر عن الاستجداء).  وعلى غرار أبو الشمقمق  يصف بيته  وحالة أبنائه، ملقبا نفسه ب "أبي الفقر":

                    * منزل أوطنه الفقر فلو ***** دخل له السارق سرقا.

                * وصبية مثل فراخ الـــــــذر***** سود الوجوه كسواد القدر

                  كنيت نفسي كنية في الشعر ***** أنا أبو الفقر وأم الفقــــــر

 3/3. الشاعر ابن المخففعاذر بن شاكر أبو المخفف، شاعر عباسي، عاش في خلافة المأمون.  وكان ظريفا فقيرا، امتهن التسول.  واعتاد الناس رؤيته راكبا  حمـارا وجاريته حمـارا، يدور ببغداد، ويأخذ ما يتيسـر من أصحاب المال والسلطـان والصناع والتجـار . كما يتنقل من بيت إلى بيت ومن حـانوت إلى حـانوت يستجدي...  يضع لائحة الرجال  ووظائفهم ويقصدهم كل شهر. وعندما يستجدي فهو لا يطلب الكثير  من الأغنياء الميسورين الذين يأكلون ما لذ وطاب من الطعام غير مبالين بحاجة الشعراء المعوزين، فقصارى أمنيته ومبتغاه ـ وهو يجوب أسواق بغداد ـ رغيف خبز يسد به رمق الجوع. يقول:

                                  دع عنك رسم الدّيار **** ودع صفات القفار
                                   وصف رغيفا سريا **** حكته شمس النهار.

3/4. الأحنف العبكري: احترف الكدية دفعا للفقر والحرمان. فالتفاوت الهائل في المستوى المعيشي بين من يملكون أطنانا من الذهب ومن لا يملك خبزا ليشبع جوعه  قاد الأحنف العكبري إلى السخط، والتشهير بعصره وبأهل عصره، بل قاده إلى العبث والمجون والبذاءة في كثير من شعره لأنه كان يرى نفسه غريباً شاذا:

مشردون حيارى في معايئهم****ليس الفقير من الدنيا بمنتصف

عاش العبكري فقيرا معدوما ومغتربا وذليلا، ووحيدا في بيت وسط مقبرة.

عشت في ذلة وقلة مال **** واغتراب في معشر أنذال

قال عنه الثعالبي: "شاعر المكديين وظريفهم."

3/5.  ابن مرج الكحل: . عبد الله محمد بن إدريس  يعرف بـ "مَرجْ الكُحْل". ولد في قرية "مرج الكحل" على مقربة من بلدة جزيرة شقُر قرب بلنسية، ونشأ بها يعمل ببيع السمك في الأسواق، وأحيانا يشتغل في الفلاحة. وقيل كان أُميًّا. وكذلك كان يتزيّا بزي أهل البادية.   قالابن عبد الملك المراكشي : "كان مُبتذل اللباس على هيئة أهل البادية". وعن تعلمه قال "أنه كان أميًّا"، وذهب ابن سعيد إلى أنه قد "تَرقَّت به همّتُهُ إلى الأدب قليلًا قليلًا إلى أن قال الشعرَ، ثم ارتفعت فيه طبقته ومدح الملوك والأعيان."

                                         مثَلُ الرّزق الَّذي تطلبُه **** مثَلُ الظّلّ الَّذي يمشي مَعَكْ

                                         أنت لا تُدركه متّبعــــــاً **** وإذا ولّيتَ عنهُ تَبِعَــــــــــكْ

على الرغم من جمال شعره، فالناس لم يتموا به، ذلك لأن صاحبه ينتمي للطبقة الفقيرة. (ت: 634 هـ)

  بارت تجارة الشعر، وأصبحت بضاعة مزجاة ولم يتمكن شعراء الكدبة من امتلاك الثروة التي يتطلعون إليها، قي حين يتمتع بها قلة من الشعراء المحظوظين المقربين من السلطة. وقد عبر الشعراء عن هذه الوضعية بشتى أنواع العبارات والصور والقوالب الفنية. فكان الهجاء، والسخرية، والفاكهة أسلحة دافعوا بها عن أنفسهم ضد لامبالاة الأغنياء، والمجتمع.

3/6. عبد الله ابن أبي الشيص: من الشعراء المعوزين الذين عانوا في حياتهم، في شعره الكثير من الشكوى والألم والإحساس بالظلم. يقول معرضا بالزمن الذي لايمتع بالغنى إلا الأنذال من الناس، بينما يعاقب الأحرار، ويذلهم:

أظن الدهر قد آل وأبرّا **** بأن لا يكسب الأموال حراّ

فكلما التفت ذات اليمين، وذات اليسار، لاحظ أن الأنذال والسفهاء، هم الذين يتمتعون بخيرات البلاد، ويمنعونها عن العباد. قال عنه ابن المعتز في طبقاته: "كانت به لوثة، فقد ألقى بنفسه في يوم شديد البرد، فأخرج منه حياّ، لكن سرعان ما مات"

      3/7. الوأواء الدمشقي: أبو الفرج محمد بن أحمد العناني الغساني الدمشقي. لقب ب "الوأواء"، ترجم له ابن عساكر في جملة الدمشقيين، وقال الذهبي فيه: " هو من حسنات الشام، ليس للشاميين في وقته مثله."  ولقب "الوأواء" علق به لأنه كان منادياً في دار البطيخ بدمشق ينادي على الفواك " وذكر القفطي  في "طبقات الشعراء": أن "الوأواء" كان في أول أمره أحد العامة، وكان جابياً في فندق، يتولى بيع الفاكهة، ويجتني أثمانها، ولم يكن من أهل الأدب، ولا ممن يعرف يقول الشعر.وقال الباخرزي في "دمية القصر": "وأما أبو الفرج فقد كان يسعى بالفواكه رائحاً وغادياً، ويتغنى عليها منادياً." وهو القائل:

هـم يحسدوني على موتي فوا آسفي **** حتى على المـوت لا أخلـو من الحسد

3/8. ابن سكرة: محمد بن عبد الله. شيعي المذهب. له ديوان بلغ نحو خمسين ألف بيت أكثر من خمسها في قينة سوداء. قال عنه الثعاليبي: "شاعر متسع الباع، أحد الفحول الأفراد، جار في ميدان المجون والسخف ما أراد..." يقول الشاعر عن تكدّيه  في قصيدة يقرن فيها الكدية بالشرف ليسوّغ تسوّله: 

رسالة من مكد وشاعر شريف*** إلى فتى مستبد بكل فعل طريف

وفي كثير من القصائد يصف تجربته المريرة مع الفقر. وبدل أن يلقي اللوم على نفسه،  يتهم المجتمع بأنه السبب في ضنك عيشه وعوزه، وسوء حاله. فقد استشرى البخل والشحّ بين الأغنياء، ومنعوا الماعون، وغُلوا أياديهم بأعناقهم.. فعندما يدخل بيوت الناس يتبرمون به، ولا يقدمون له طعاما أو شرابا وكأنما عودوا خبزهم بآيات الكرسي حتى يخفوه عن ابصاره:

                       ضرسي طَحون وعلى خبزكم *****  من آكل مثلي آية الكرسي.

هي صورة مقرّبة لشعراء لم ينالوا بالشعر أو الأدب عموما عيشا كريما، بل عانوا ضَنك العيش، وفتح الشعر لهم مخرجا للتنفيس عن كُربهم،  ومداواة أوجاعهم النفسية والجسدية، واستساغة مرارة الحرمان، فحمّلوه ما يتلَجلج في صدورهم من حقد وكراهية ضد من يملكون ما يفيض عن حاجاتهم، ولا يبالون بالجياع، ومن ضاقت بهم الدنيا بما رحبت. بل يوزعون الأموال بدون حساب على من يواليهم ويحابيهم ويتمرغ تحت أرجلهم، إن كان غنيا يزداد غنى. إن كان فقيرا، أغنوه. أما الخلفاء والأمراء والموالون، فينهبون الأموال بلا حسيب أو رقيب. ورفعوا في وجه المطالبين بالعدالة والانصاف  شعار معاوية: " إنما المال مالنا والفيء فيئنا، فمن شئنا أعطيناه ومن شئنا منعنا."

وقد يتعلل الأغنياء دفاعا عن ثرواتهم ضد حقد وغضب وثورة الفقراء الذين لا يملكون قطميرا (قشرة رقيقة بين الثمرة والنواة) بأن الله " فضل بعض الناس عن بعض في الأرزاق" فبسط الرزق لمن يشاء، وضيق على من يشاء بحسب إرادته. وقد يرد الشعراء الفقراء المتمردين  بأن العدالة الإلهية حاصلة في السماء، أما في الأرض فالعدالة تطبّق حسب مشيئة الأقوياء، والمستبدّين، والظالمين.  فعندما تسيطر عصابة مدجّجة بالسلاح على أموال الناس، وأملاكهم، تقتل، وتغتصب، وتسْبي وتغتني، فلا يحق لها أن تدافع عن جرائمها وتتدّعي بأن الرجال، والأطفال، والنساء، والأموال والأملاك التي انتزعوها عُنوة، واستولوا عليها ظلما هي أرزاق من الله. 

وهذ يناقض ما روي عن الرسول (ص) عندما قال:  "أيما رجل مات جوعا بين قوم أغنياء، فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله." وفي موضع آخر: " أيما رجل مات ضياعا بين أقوام أغنياء فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله." 

على سبيل خاتمة

 استعرضنا مجموعة من الشعراء عاشوا حياة الفقر والعوز الشديد، ومثّلوا ما يسمى ب "أدب الكدية" أو"أدب  القاع" أو "أدب الهامش" أحسن تمثيل، وسعوا بكل الطرق الممكنة لتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية...  فشلوا في المهمة، فوجدوا في  التمرد الأبيض (السخط ـ الشكوى ـ الهجاء...) سلاحا لمناهضة الظلم، ومقارعة الظالمين، ولم يأبهوا للسلطة بكل ألوانها، وأشكالها، وأوجهها، فهم لا يملكون ما يخسرونه. وفي المقابل، لم تأبه السلطة لتجاوزاتهم عن القيم الاجتماعية، والثوابت العقدية، والمحددات السياسية، وغضت الطرف عن أفعالهم، وأقوالهم،  لعلمها بأن شعراء الاستجداء عاجزون على إحداث التغيير الذي ينشدونه، ولن يجدوا من يشايعهم، وإن وجدوا من يتعاطف معهم في مدّهم بلقمة طعام... ويبقى الفقر من بين أبشع أشكال العنف التي يستعملها المستبد للحفاظ والحجرعلى السلطة.

للقد لعب الفقر دورا كبيرا في حياة "شعراء الهامش"، وفي تشكيل رؤيتهم للحياة والمجتمع. وكان الدافع لاختيارهم لغة بديئة ومنحطة. ومعاني سوقية ومبتدلة، هذا هو الأسلوب الأمثل الذي نهجوه للاحتجاج على السلطة والتمرد على أعرافها وقوانينها وضوابطها التي جعلت منهم شعراء "منبوذين" و"شكّائين". (كثيري الشكوى)  

...........................................................

إضاءة النص: * صغار الذر: صغار النمل.

يتبع

الجزء الثاني:  14. شعراء الصعلكة في مواجهة السلطة 

الخميس، 14 مارس 2024

الثقافة السّمخية والكائن السمخي تأملات وخواطر عن الكتابة أولا: "الكتابة السمخية" 14. شاعرات زمن الكتابة السمخية

 كلما قرأت سيرة هؤلاء الشاعرات المبدعات ازداد حبي وتقديري واحترامي لهن ولإبداعاتهن.

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ارتأيت أن أكرم نساء انتمين لعصور مختلفة إبان زمن "الكتابة السّمخية" اعترافا بإسهاماتهن في مجال الأدب والفن سواء في المشرق أو المغرب.

أولا: شاعرات المشرق

1. هند بنت عتبة: الشاعرة "القُرشية العبشمية الكنانية"، صحابيّةٌ اشتُهرت بشدةِ بأسِها وشجاعتها، حتى أطلِق عليها لقب "آكلةُ الأكباد" لأنها أكلت كبد "حمزة بن عبد المطلب" عندما استشهد. أسلمت بعد الفتح، وشهدت موقعة اليرموك، كما حرّضت على قتال "الروم". كانت من سيدات العرب. شاعرة فصيحة اتخذت من الشعر وسيلة للتعبير عن أفكارها ووجدانها ومواقفها. وتجلت فصاحتها وشجاعتها في محاورتها للنبي صلى الله عليه وسلم بعد إسلامها.

2. زرقاء اليمامة: من قبيلة "بني جديس" من أهل "اليمامة".  قيل بأن اسمها "عنز" من بنات لقمان ابن عاد، اشتهرت ب "زرقاء اليمامة" دلالةً على زرقةٍ في عينيها، ولكنّ الصفة الأشهر التي ميّزتها عن غيرها، هي حدّة الرؤية والبصر الذي جعلها ترى أبعد مما يراهُ قومها.  يُلاحَظُ في شعرها سهولة اللغة ووضوح المعنى.  وقيل في جمالها: "كأنها القمر ليلة البدر". وقيل كذلك: "إنها أول امرأة اكتحلت بالإثمد." تمتعت شاعرتنا بحدة الفطنة والحكمة. قال النويري في مقتلها: "دخل حسان (فارس من فرسان العرب في الجاهلية) اليمامة فاستباحها قتلاً وسبياً، ثم إنه أمر باليمامة فنزعت عينيها، فإذا في داخلها عروق سود فسألها عن ذلك فقالت: "حجر أسود كنت اكتحل به يقال له الإثمد فثبت لي بصري." فأمر بها فصلبت على "باب جو". وقيل "سكي جو" ب"اليمامة."

3. الخنساء تماضر: بنت عمرو بن الحارث بن الشريد السُّلمية. صحابية جليلة، وشاعرة مخضرمة. جاءت الخنساء ضمن وفد قومها إلى النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثامنة من الهجرة، فأسلمت وحسن إسلامها. اشتهرت برثاء أخويها معاوية وصخر اللذان قتلا في الجاهلية. 
قال لها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب "ألم يطل بكاؤك على أخويك؟": فردت عليه: "بكيتهما في الجاهلية حبا لهما وحسرة على فراقهما، وبعد ما أسلمت شفقة عليهما من النار لأنهما ماتا في جاهلية".   شارك أبناوها الأربعة في معركة القادشية واستشهدوا جميعا. عندكا بلغها الخبر قالت: "الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته".  يقول ابن قتيبة: "مما لا شك فيه أن من تبع الخنساء من شعراء الرثاء وشواعره اغترفوا جميعا من بحرها الفياض بفيض العاطفة البشرية". وقال  المبرد "كانت الخنساء وليلى بائنتين في أشعارهما متقدمتين لأكثر الفحول". كان الرسول "ص" من المُعجبين بشعّرها وينشدها بقوله لها : "هيه يا خناس ويومئ بيده "وقال فيها " أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو توفيت الخنساء ببادية نجد سنة 24 للهجرة.
وإن صخرا لتأتم الهداة به **** كأنه علَم في رأسه نار. (العلم: الجبل)

4. صفية الباهلية: ومن الشاعرات اللواتي عُرفن في الجاهلية بفصاحتهن وترنّمن بالشعر والتغني به.  تميز شعرها باللين والرقة لما يحمله من معانٍ شفافة ورقيقة يتخللها حزن وشجى. 

5. عاتكة بنت عبد المطلب: الهاشمية "القرشية" هي عمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأختُ أبي طالب والعباس، ولم يجزم الدارسون بإسلامها. يترواح شعرها بين القوة والشدة والوعورة وبين اللين والسهولة خصوصا في غرض الرثاء.

6. صفية بنت عبد المطلب: الهاشمية عمّة النبي صلى الله عليه وسلم؛ أختُ عاتكة، وهي العمة الوحيدةُ التي دخلت في الإسلام حسب أغلب المصادر، إذ أسلمت في أوائل أيام الدعوة، وهي والدة الزبير بن العوام فارس النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة. ناصرت الإسلام، ودافعت عن الدعوة. يتميز شعرها بالقوة والجزالة مع الرقة والشفافية خصوصا في الرثاء. إضافة إلى الشعر  كانت من رواة الحديث النبوي.  ورَثَت النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كما رثت والدها من قبل.

 7. برة بنت عبد المطلب: الهاشمية القرشية، عمةٌ  النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تنل شُهرةَ صفيَّة وعاتكة، وهي من شاعرات العرب وأديباتهم، يمثل الرثاء أهم غرض نظمت فيه الشعر.  

8. أميمة بنت عبد المطلب: الهاشمية القرشية. عمةٌ  النبي صلى الله عليه وسلم، وهي والدةُ أم المؤمنين "زينب بنت جحش" ولا تقل  فصاحة وبيانا  عن أخواتها. يتميز شعرها بالرقة  السهولة والليونة، ومعانيها بالبساطة والوضوح.

9. أروى بنت عبد المطلب:  أختٌ لصفيّة وعاتكة وبرة. عمة النبي صلى الله عليه وسلم.   اختُلف في إسلامها، البعض أقر به، والبعض الآخر ـ وهم الغالبية ـ أنكره.  أما ابنها "طُليب" فقد ثبت إسلامه، وقد رُوي أنها كانت تنافح عن الدعوة الإسلامية بأشعارها، وأفعالها. شاعرة  رثاء بامتياز..

10. أم الفضل بنت الحارث: "الهلالية": صحابية.  هي والدة عبد الله بن العباس وهو ابن عم رسول الله صلى الله علي سلم، زوجة هشام بن المغيرة الذي توفيَ قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، شاعرة عمرت طويلا إلى حدود السنة العاشرة للهجرة. خلفت أشعارا كثيرة في رثاء زوجها. 

11. البسوس بنت منقذ التّميميّة: وهي بنت مُنْقِذ بن سلمان بن كعب بن عمرو. شاعرة جاهلية كانت السبب في إشعال فتيل الحرب بين "بكر بن وائل" و "تغلب" أربعين عاماً حتى سُميت الحرب ب حرب البسوس، وصار يُضرب المثل الشؤم بالبسوس فيقال : "أشأم من البسوس"  من الشاعرات اللواتي اشتهرن  بازرقاق العيون عند العرب. والزرقة تدل عندهم على الجمال والحسن  وملاحة الوجه. قال الجاحظ في "باب زرق العيون عند العرب" : "وكانت البسوس زرقاء."

12. حبيبة بنتُ عبد العُزَّى: تلقب ب"العوراء"  شاعرة جاهلية. تنتسب في "بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض" . وهي كريمة جداً، وابنة منزل كريم معطاء. وعرفت عنها هذه الصفات التي ورثتها عن أبيها وجدها. يتميز شعرها بمسحة من التهكم والسخرية . 
13. حليمة الحضرية العبسيَّة: شاعرة جاهلية. من قبيلة "عبس" ـ قبيلة عنترة بن شداد ـ تميزت بشعرالغزل، والحنين لديار الأحبة.   قيل أنها كانت تتغزل في ابن عم لها، فعلم قومها، فحجبوها. وقيل أنها من النساء الموصوفات بالعقل والحكمة. نظمت أشعارا ترثي  فيها زوجها. كما نظمت أشعارا في حرب "داحس" و"الغبراء". 

14. ليلى بنت لُكَيْز: "العفيفة". من شاعرات "نجد" و"الحجاز". كانت تامة الحسن، كثيرة الأدب. خطبها كثيرون من شرفاء العرب منهم عمرو بن ذي صهبان من أبناء ملوك اليمن. وكانت ليلى تكره أن تخرج من قومها وتود لو أن أباها زوجها بالبرَّاق ابن عمها . إلا أنها لم تعص أمر أبيها، وصانت نفسها عن البرّاق تعففاً، فلقّبت ب"العفيفة". ومما ورد على لسان الرواة في شأن قصتها مع ابن عمها: "في خضم الحرب السجال  بين "بني ربيعة" وقبائل "طيئ" و"قضاعة" أبلى  البرّاق فيها  بلاءً حسناً.  خمدت الحرب، وحان وقت زفاف ليلى،  سمع بابن لكسرى  (ملك الفرس) بالخبر فأرادها لنفسه، فكمن لقومها في الطريق، ووأغار عليهم، سباها ونقلها إلى "فارس". بقيت هناك أسيرة لا ترضى بزواجه إلى أن انتزعها البرّاق من يد غاصبيها، واستحق أن يتزوج بها..."

15. ليلي الأخيلية: بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب. من "بني عقيل من عامر بن صعصعة." اشتهرت هي الأخرى في قول الشعر والإجادة فيه، باعتراف من جهابذة الشعر، كما  أبدعت في عدّة أغراض كالفخر والغزل والمدح والهجاء، وهذا ما استعملته في الدفاع عن نفسها وعن قبيلتها، مدحت الـكثيــر من الولاة، وأصحاب الشأن. نالت بهذا الشعر الـكثير من الهدايا والعطايا من قصور الأمراء، وتغزلت في  توبة زوجها الذي قتل. عُرف عن ليلى الأخيلية الذكاء وسرعة البديهة والفصاحة والجرأة، ولعل الموقف الذي أبرز هذه الصفات هو حوارها مع الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان حين وجه إليها سؤالًا، قائلًا فيه: "ما رأى توبة فيكِ حتى عشقكِ؟" فقالت: "رأى ما رآه الناس فيك حتى جعلوك خليفة."  من قصص الحب التي اشتهرت وعرفت في العصر الأموي قصة حب ليلى الأخيلية وتوبة بن الحمير، فعرف بأن توبة كان يهواها ويقول فيها الأشعار، لكن حينما جاء لخطبتها رفض والدها، وسارع بتزويجها لشخص آخر وهو أبو الأذلغ، فجعل يزورها ويلتقي بها حتى بعد زواجها من الأذلغ، وحسب ما ورد عن داود الأنطاكي عن بداية علاقتهما ولقاؤهما "بأن قوم توبة نزلوا مع قوم ليلى يومًا فغزوا وعندما رجعوا، خرجت النساء للقاء القادمين، فرأى ليلى وافتتن بها، كما بادلته  المشاعر ذاتها.". قالوا عن شعرها:  الأصمعي يقدم  ليلى الأخيلية على الخنساءقال أبو زيد سعيد الأنصاري: "ليلى أغزر بحرًا، وأكثر تصرفًا، وأقوى لفظًا، والخنساء أذهب في عمود الرثاء".توفيت حسب ما جاء في فوات الوفيات في عام 747هـ. 
وأقسمـت أرثــى بـعـدَ تـوبـةَ هالـكـا **** وأحـفِـلُ مــن دارت علـيـه الـدوائــــر
لعَمرك ما بالموت عـارٌ علـى الفتـى **** إذا لـم تصـبـه فــي الحـيـاة المعـابـرُ
ومــا أحــدٌ حـيـا وإن كـــان سـالـمـا **** بـأخـلــد مــمــن غـيّـبـتـه الـمـقـابـــرُ

16. سماء بنت أبي بكر الصديق: كانت شاعرة وناثرة في هذا العصر ذات منطق وبيان. قال الحجاج لأسماء بعد قتل عبدالله بن الزبير: "كيف رأيتني صنعْتُ بابنك؟" فقالت: "أفسدْت عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتك."

17. هند بنت النعمان بن بشير: الأنصارية كانت شاعرة وفصيحة وأديبة بارزة ذات حسن وجمال، فأراد الحجاج أن يتزوجها، فخطبها وشرط لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم. طلقها عندما دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة وتقول:
وما هند إلا مهرة عربية **** سليلة أفراس تخللها بغـــــــل
فإن ولدت فحلا فلله درها *** وإن ولدت بغلا فجاء به البغل.

18. سكينة بنت الحسين: شاعرة وناقدة. لا يخلو كتاب في النقد الأدبي العربي القديم من ذكرها ولو إشارة صغيرة عليها، وقد عُرفت في الحكم على الشعر أكثر من قوله، خاصة مع شعراء النقائض الذين كانوا كثيري التردّد على بيتها، لما وجدوه من صواب حُكمها ولسخائها مع من كان فاق شعره شعر أقرانه.

19. زبيدة بنت جعفر بن المنصور: زوجة الرشيد، وتميزت أقوالها بقوة البيان وصفاء العبارة، بجانب الحفاظ على الحكمة والوقار، فلم ينحرف سلوكها عن نهجها الذي درجت عليه.

20. علية بنت المهدي: أخت هارون الرشيد، التي أعلنت الحب لأحد خدمها، وبذلك أغضبت الرشيد، فمنعه عنها. تقول: - وهو أجمل ما قيل في الغزل- :
إذا لْم يَكُ ن فِي الُــحب َسخْط ولا رِضَى***** َأيَن حَلاَوات الَّرَّسائِل والـكُتُب
 21. خديجة بنت المأمون: قلدت عمتها علية في التشبيب والتلحين.

22. رابعة العدوية:  صوفية زاهدة شاعرة، زهدت في الدنيا بكل ما فيها، وانعزلت عن الناس في خلوتها، وكانت كثيرة الذكر، والقيام وقراءة القرآن، حتى أنه عند سماعها لآية من آيات النار أو العذاب يُغشى عليها، وقد كانت متعلقة بالله أيّما تعلق وأحبي الله طمعاً في جنته و خوفاً علق، و أحبت الل من عذابه، ولها الـكثير من الشعر في حب الله والتقرب إليه.

23. أمة العزيز : الشريفة الفاضلة. أمة العزيز بن موسى بن عبد الله بن أبي الحسن أبي جعفر الزكي بن الهادي بن محمد بن علي الرضي، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

24. بدر التمام :  بنت الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس. يعرف والدها ب"البارع"، ذكرها الحافظ محب الدين بن النجار في تاريخ بغداد وقال: كانت شاعرة رقيقة الشعر محسنة.

25. بوران بنت الحسن بن سهل: وزير المأمون ذكر الصولي أن اسمها خديجة وتعرف ببوران. تزوجها المأمون. روى ابن النجار: "لما تزوج المأمون بوران بنت الحسن بن سهيل، أراد أن يفتضها، فلما كاد حاضت، فقالت: " أتى أمر الله فلا تستعجلوه " ففهم المأمون قولها، فوثب عنها!

26. الهمذانية: قال ابن الطراح "شاعرة ماجنة ظريفة." ثم روى عن بعض الشيوخ قال: "كانت ثواب بنت عبد الله من أشعر النساء وأظرفهن وكانت من ساكني همدان."

ثانيا: شاعرات الأندلس

أندلس مزطن الحضارة والثقافة والتفتح. اشتهرت بالفنون والجمال والأدب. بلغ عدد الشاعرات بها حوالي خمسا وعشرين شاعرة كلهن مبدعات مشهورات.

1.  ولادة بنت المستكفي: قال أحد الكتاب السّمخيين عنها: "كانت واحدة زمانها، المشار إليها في أوانها، حسنة المحاضرة، مشكورة المذاكرة."   تميزت أشعارها بالجرأة، والتعبير عما يعتمل في وجانها وفكرها بدون خجل، وبهذا تكون من النساء الأواءل اللواتي تمتعن بحرية القول والفعل..يقول عنها ابن بسام الشنتريني في كتاب "الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة": " إنها كانت حسن منظر ومَخْبر، وحلاوة مَوْرد ومَصدر، وكان مجلسها بقرطبة منتدى لأحرار المِصْر، وفناؤُها ملعبا لِجيادِ النَّظْم والنَّثْر يعشو أهلُ الأدب إلى ضوء غرّتها ويتهالك أفراد الشعراء والكتاب على حلاوة عشرتها، وعلى سهولة حجابها وكثرة مُنْتَابها تَخْلِطُ ذلك بعلوِّ نصابها… وسموِّ أحْسَاب وطهارة أثواب."

2. نزهون القلاعية: "الغرناطية". هي نزهون بنت محمد بن أحمد بن خلف القليعي الغساني. كانت تحاور، وتساجل، وتجادلهم الشعراء وغير الشعراء. تميز شعرها بالقوة والجزالة،لا تتردد في استخدام الألفاظ السوقية الفاحشة. عرفت بالهجاء، المخل بالحياء أحيانا  اصطدمت بشاعر يدعى أبو بكر المخزومي،  في إحدى الندوات الأدبية، وتهجمت عليه وسخرت منه، فسمعته يهجوها ببيتين، فتردّت عليه بهجاء شديد الإقذاع:
إِن كنتُ في الخلقِ أُنثـى ***** فإنّ شِعري مذكّـــــــــر
وصفها ابن الخطيب ب" أنها أديبة شاعرة، سريعة الجواب، صاحبة فكاهة ودعابة"  وقال عنها ابن سعيد المغربي هي: "شاعرة كثيرة النوادر".

3. مهجة بنت الَّتَّيّاني: القرطبية، كان أبوها يبيع التين وكانت من أجمل  نساء زمانها. قالت أشعارا في الشاعرة  ولادة بنت المستكفي.

4. بنت أبي يعقوب: "القبضولي الشلبي". أديبة وشاعرة.  يتميز شعرها بالجزالة لفظا، والعفاف معنى. قيل عنها أنها "تحتشم لدينها وفضلها". من شواعر القرن الثامن. ولدت في شلب (سيلفس الحديثة، البرتغال) واستقرت في إشبيلية، حيث أصبحت معلمة للنبلاء. تلقب ب "صافو/سافو" العرب. وهناك بعض الأمثلة المحفوظة من أعمالها في مكتبة "الإسكوريال"

5. حفصة بنت الحاج الركونية: "الغرناطية". من القرن السادس عشر الهجري.  يقول عنها المؤرخ الأندلسي لسان الدين بن الخطيب: هي "أديبة أوانها، وشاعرة زمانها، فريدة الزمان في الحسن والظرف، والأدب واللوذعية"، كانت تقوم تعليم النساء في دار المنصور أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي. ولهذه الشاعرة قصة حب مميزة. تقول الرواية: "إذ تعرفت على شاب من أسرة عريقة تقيم في قلعة بني يحصُب بالقرب من غرناطة، يدعى أحمد بن عبدالملك بن سعيد ويكنّى "أبو جعفر"فانضم للثوار ضد الوالي مما أدى  لمقتله، فبكته حفصة بكاءً شديداً ولبست عليه السواد لسنوات، وحينما وصلها التهديد بضرورة نزع ملابس الحداد عنها. وبسبب هذه المضايقات أولاً ولعدم قدرتها على العيش في "غرناطة" بعد مقتل حبيبها ثانياً، هجرت مدينتها وانتقلت إلى "مراكش"، والتقت بسلطان الدولة الموحدية أمير المؤمنين عبد المؤمن بن علي مستجيرة بين يديه من ابنه سلطان الأندلس أبي سعيد."

6.  أم الكرام بنت المعتصم:   بنت المعتصم بن صمادح ملك بلدة "المَرية". قال عنها ابن سعيد في "كتابه المغرب...": "كانت تنظم الشعر، وعشقت الفتى المشهور بالجمال من دانية المعروف ب"السمار"، وعملت فيه الموشحات. وتحدثت عن حبها بنوع من الجرأة. عرفت بشاعرة الحب. معظم أشعارها في الغزل.

7. أم السعد القرطبية: أم السعد بنت عصام بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن يحيى الحميري من أهل قرطبة. وتعرف ب"سعدونة." قال البدر النابلسي في التذييل: "لها رواية عن أبيها وجدها وغيرهما من أهل بيتها."

8. حفصة بنت الركوني: من أهل غرناطة. قال ابن سعيد في كتاب الغراميات: " كانت أديبة شاعرة جميلة مشهورة بالحسب والمال. وقال ابن دحية في كتاب المطرب من أشعار أهل المغرب حفصة بنت الحاج من أشراف غرناطة. رخيمة الشعر، رقيقة النظم والنثر.  من أهل المائة السادسة، تولع بها ملك غرناطة، وتغير بسببها على أبي جعفر بن سعيد حتى أدى تغيره عليه أن قتله." قال أبو جعفر بن سعيد: "أقسم ما رأيت وسمعت مثل حفصة."

9. عائشة بنت أحمد بن محمد بن قادم:  القرطبية. قال أبو حيان في المقتبس "لم يكن في زماننا في حرائر الأندلس من يعدلها علماً وأدباً وشعراً وفصاحة، تمدح ملوك الأندلس وتخاطبهم بما يعرض لها من حاجة!! وكانت حسنة الخط، تكتب المصاحف، ماتت عذراء - لم تنكح - ."

10. الشاعرة أمة الرحمن بنت أبي محمد عبد الحق بن عطية: غرناطية. وتلقب بـ"أم الهناء"، وب "أم أبي جعفر". من أبرز معلميها والدها عبد الحق بن غالب بن تمام بن عبد الرؤوف بن عبد الله بن تمام بن عطية أحد رجالات "الأندلس" الجامعين إلى الفقه والحديث والتفسير والأدب. بيته عريق في العلم.  كانت الشاعرة  نموذجا للنساء العفيفات المتفقهات في الدين، لها دراية بالعلوم الفقهية والحديثية والتفسير.. وسائر ألوان المعارف والعلوم. وتمتعت بنصيب وافر من الشهرة والعلم وتميز شعرها بالعذوبة والعفة والجمال.

هذا غيض من فيض. فكتب تاريخ الأدب تفيض بأسماء الشواعر اللواتي حققن ذواتهن، وفرضن شخصيتهن ورؤيتهن للذات والعالم والقيم والحياة في مجتمع تهيمن فيه السلطة الذكورية... وبهذا الإنجاز حققن ثورة في مجال حرية المرأة وحقها في الاستقلال. فأظهرن جرأة في التعبير عن مشاعرهن اتجاه الرجل في مجتمع متدين ومحافظ، فشكل الغزل موضوعا مركزيا في أشعارهن، وقدمن صورة مشرقة للمرأة المناضلة والحرة.

.......................................................................................

يتبع...

15. شعراء الكدية (التسول والاستجداء) ومواجهة السلطة

الجزء الأول: التمرد الأبيض




حالة الطقس في مراكش

الثقافة السّمخية والكائن السمخي تأملات وخواطر عن الكتابة الكائن السمخي أولا: "الكتابة السمخية" 14. الكتابة السمخية والنكاح. الجزء الثالث: النكاح في الثقافة الإسلامية

1. أشهر مؤلفات الفقهاء في النكاح فطن رجال الدين لأهمية الحياة الجنسية عند الإنسان المسلم، فكتبوا العديد من الكتب تتعلق بالجنس تنقل لنا خبرات...