tout droit résérvé

© Copyright
Tous droits réservés

الترحيب بالزوار

مرحبا بك في موقعنا ! للبحث عنا من جوجل يمكنك كتابة "فرحات المصطفى" أو "FARHAT MUSTAPHA" ! لا تنس جعل المدونة الصفحة الرئيسية لمتصفحك!

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة
ميمي نت

آخر الأخبار

آخر الأخبار
2. قالوا عن السلم: * "لا يوجد طريق للسلام، فالسلام هو الطريق." (مهاتما غاندي) - * "من يُريد السلام يجب أن يُستعد للحرب." (أرسطو) - * "السلام هو زهرة تنمو من التربة التي تسمى الحب." (ليون تولستوي) - * أستطيع أن أكون الأسوأ دائماً، لكنني أملك قلباً يرفض جرح الآخرين. (نيلسون مانديلا) - * "نتيجة الحروب خلق اللصوص ونتيجة السلام قتلهم" (جورج هربرت) - * " كان ديكان يعيشان في سلام حتى ظهرة دجاجة" (مثل فرنسي) - * "السلام هو الأم المرضعة لكل بلد" (هزديوس) * القلب المتمتع بالسلام يرى عرسا في كل القرى" (مثل هندي)

الجمعة، 27 أكتوبر 2023

أملك رصيدا كبيرا من الحزن والغضب:

تعلمنا في المدرسة أن المأساة بدأت مع وعد بلفور وتتواصل إلى وقتنا الراهن... كانت معرفتنا محدودة جدا بما يسمى بالقضية الفلسطينية... ولكن كبرنا وتعلمنا وأدركنا حجم القضية... عايشنا أحداثا تاريخية في سياق الصراع الصهيوني الفلسطيني على الأرض التي يتصرف فيها الصهاينة باعتبارها أرضهم والفلسطينيون محتلين وعليهم إخلائها... لم نتردد فاختارنا جانب العدالة. وستبقى القضية الفلسطينية حاضرة  في الوجدان والعقل.

حزين أنا على وائل الجنين الذي قضى في بطن أمه ولم تمنحه القنابل الإسرائيلية فرصة رؤية النور، وتذوق حليب الأم الأبيض النقي، وشم رائحتها الطيبة، والإحساس بشفاهها وهي تقبله على خده الرطب الندي. 

حزين على أم وائل التي كانت تترقب حضوره إلى هذه الدنيا لتعطيه اسما وحبا، لكن الجزار حرمها من تذوق طعم الأمومة، فذبح الأم والجنين. 

حزين على ريم، الطفل التي تعيش في حاضنة بعدما أخرجوها من جثة والدتها التي ذبحها القصف.

حزين على فدوى، الشابة التي كانت تعيش أوج سعادتها وهي تحتفي بخطوبتها مع عائلتها، لكن القاتل لم يتردد في اغتيال الفرحة ويأتي على الأخضر واليابس في مجزرة رهيبة.

حزين على محمد الطفل الذي صعقته أصوات الطائرات فاحتمى بحضن والده طلبا للأمن والآمان لكن القذيفة حولت البيت إلى ركام والأجساد إلى أشلاء فلم ينج غير معصمه الذي كتب عليه اسمه.

حزين على أبو علي الذي لم يتوقف عن الحديث لابنه المعاصر تحت الركام، ينبش التراب بأظفاره، قبل أن يصمت الطفل علي إلى الأبد.

حزين على من قتلوا غدرا وهم نيام أو في طرق النجاة أو في الملاجئ والمستشفيات والمدارس...

حزين على كل أم فلسطينية لا تملك غير الدموع لتغسل الدماء، والدماء لتعمد بها شهداء فلسطين. والزغاريد التي تشهد على جلد وصبر أما هول المصاب.

لا يوجد مبرر لذبح لشعب أعزل عصي على الهزيمة والانكسار والخضوع رغم الجوع والعطش والحصار والدمار. صامد أما عجرفة القاتل السادي.

لا يوجد مبرر لذبح شعب يطالب بالعدالة والحرية والكرامة. وفي كل محرقة يبعث من رماده كطائر الفينيق.

تبا لكل من تاجر بدم شيوخ ونساء وأطفال غزة.

الخزي والعار لكل من وظف دم شيوخ ونساء وأطفال غزة في اللعبة المقيتة للسياسة.

وحدها القضايا العادلة تنتصر.

الخميس، 26 أكتوبر 2023

تأملات وخواطر عن الكتابة : 4/2. النعجة و"السّمخ"


ليس للنعجة حضور وازن في الثقافة الإنسانية عامة كما الحال بالنسبة للكبش المحضوض ومع ذلك نجدها حاضرة في الأديان والأساطير والحكايات الشعبية وغيرها من المعارف الإنسانية ولعل أشهر النعاج في العالم هي النعجة دولي باعتبارها أول حيوان ثدي يتم استنساخه بنجاح.
في الأساطير السومرية تحضر النعجة كأحد أهم الرموز التي اعتمدها السومريون للدلالة على تشييد الحضارة في بلاد الرافدين إلى جانب الشعير والكتان.
ما وصل من أخبار عن النعجة يجعلنا نقلق ـ إلى حد ما ـ عن وضعها الاعتباري والرمزي، ومع ذلك فقد كرمها القرآن الكريم بذكرها أكثر من مرة فردا وجمعا.
في الثقافة العربية يكنى بالنعجة للمرأة. وعلى هذا فسر بعض المفسرين النعجة في قوله تعالى : "له تسع وتسعين نعجة" فالنعجة يعبر بها ها هنا عن المرأة (الزوجة). أما السبب فيرجعونه إلى أن النعجة أو الشاة يشبهان المرأة في "السكون والمَعْجَزة وضعف الجانب".
فيما يتعلق برؤية الشاة في الحلم فإن الكتب "السّمخية" لها رأي في الموضوع.:
* من رأى نفسه في منامه يشتري نعجة أو شاة فسيحصل على مال وفير، ويدخل منزله خير ومسرات على قدر حجم الشاة.
* ومن رأى نفسه يوثق نعجة في بيته بحبل فإنه يتزوج.
* وإن رأت المرأة المتزوجة نفسها تحمل شاة صغيرة بيم ذراعيها أو في حجرها فهو حمل قريب.
* وأفضل النعاج في المنام النعاج السمينات.
على العموم، نظر الناس إلى النعجة نظرة سلبية، فهي بليدة وغبية لأنها تنسى صغيرها خلال بضعة أيام.
في ثقافتنا المغربية
يحب المسنون أكل لحم النعجة المسنة ويبررون بأن لحمها يحتوي فوائد صحية كثيرة.. ربما يعملون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحية العيد: "لا تذبحوا إلا مسنة.."
إضافة إلى استفادة المغاربة من لحم النعجة فإنهم يستفيدون منها أيضا في صناعة السمخ. تتشابة طريقة استخلاص السمخ من النعجة والكبش مع الاختلاف في نوع الصوف المستعمل وفيما يجوز أو يمنع استعمال السمخ المستخلص.
الموضع الذي يجز منه الصوف الذي يستخلص منه "السّمخ" هو مؤخرة النعجة. ويتم اختيار هذا الموضع لأنه يتجمع فيه ما يسميه الحرفيون ب "الكُعال" أو "لودَح". وكلمة كعال في القواميس العربية لها معاني متعددة منها: "الكعل": ما يتعلق بخصى الكباش. أما "الودح": فهو كل ما يتعلق بأصواف الغنم من البعر والبول. الواحدة ودْحة.
وتتم العملية بخلط الصوف القذر مع روث الشاة الذي يسمى "الكعال".. وتُتّبع نفس المراحل التي رأيناها سابقا في صناعة "السّمخ" من صوف الكبش.
أما فيما يتعلق بالكتابة بهذا "السمخ" فالمسألة أثارت نقاشا وجدالا بين الكتاب السمخيين: فئة أجازت الكتابة به مهما كان نوع أو جنس المكتوب. وفئة ثانية ترى أن لا مانع من الكتابة به ولكن استثنوا القرآن الكريم والأحاديث النبوية. وهذا النقاش لم يثره "السمخ الكبشي" وترتب على هذا الموقف تجنب بعض الحرفيين استعمال "الكعال" في صناعة "السّمخ". ويترك "السمخ" أربعة أيام قبل استعماله.
وربما يعود هذا الموقف من "سمخ" النعجة إلى النظرة للمرأة عموما. فيوجد تشابه بين لون "السمخ" البنّي ولون دم الحيض الذي يعتبر نجاسة ويجنب تجنبه...
يتبع

الأربعاء، 18 أكتوبر 2023

تأملات وخواطر عن الكتابة 2/3 صوف الكبش و"السَّمخ"


يعتبر صوف الكبش ـ كما هو الحال بالنسبة لقرون الكبش ـ مادة أولية للحصول على "السّمخ" الذي لا تحتاجه الكتابة السمخية، بشرط أن لا يكون الصوف نظيفا ونقيا وشديد البياض.. الشوائب العالقة به تسهل إحراق الصوف وتعطي سَمخا بلون بُنّي غامق مائل للسواد.
إذا كانت لقرون الكبش التي يصنع منها "السّمخ" كل تلك الرمزية العجيبة والغنية التي تحدثنا عنها سابقا، فإن صوف الكبش لا يقل عنها أهمية في بعده الرمزي والطقوسي..
يظهر الصوف في العقيدة الإسلامية كأحد العناصر الرمزية الكبيرة في علاقة الإنسان بالله.. ولهذه العلاقة درجات ومراتب تتدرج بحسب قوة ومثانة هذه العلاقة، نجد المؤمن، والمستعين والمصلي، والعابد، والزاهد، والمتصوف... وفي التصوف تتجسد أرقى درجات التوحد بالذات الإلهية، وللصوف ينسب المتصوفة، رجال الله الذين تميزوا بلبْسهم للصوف الخشن الذي يشكل علامة تميز العارف والزاهد.
يعتمد المتصوفة في تحصيلهم للحقيقة على القلب والوجدان والحدس. المعرفة لديهم تتجه نحو الباطن، وارتضوا حياة التقشف والكفاف... ودوَّن المتصوفة أدبهم شعرا ونثرا ب "السّمخ" المصنوع من الصوف الذي ارتضوه لباسا لهم.
كثيرة هي العادات والتقاليد التي ارتبطت بمادة صوف الكبش. يقول هيرودت: في شمال إفريقيا، عندما يبلغ الأطفال سن الرابعة، يحرقون أوردة في مقدمة رؤوسهم بصوف الأغنام. البعض يقوم بهذا الطقس حول المعابد.
عند الأمازيغ، وفي موسم "تالوسة" (جز صوف الغنم) تنصب الخيام، تقام الأفراح ويستقبل الضيوف، وتذبح الذبائح، وتردد الأهازيج الأمازيغية طيلة اليوم...
ويستعمل صوف كبش العيد في الشعودة والسحر لترويض الزوج، وأشياء أخرى، فينصح الفقيه المشعوذ بتبخير المنزل بالصوف...
ويبقى أهم ما يقدمه لنا صوف الخروف هو "السّمخ" الذي لولاه لضاعت المعرفة التي دونها الكتاب السمخيون بدم صوف الكبش.
أما الخطوات التي يتبعها الحرفيون في صناعة "السّمخ" من صوف الكبش فتبدأ بزج كمية معتبرة من الصوف الوسخ، بعدها يوضع في إناء به ماء، يغلق الإناء بإحكام، ويتم وضع حجر على الغطاء لإغلاق جميع المنافذ تفاديا لتسرب النار داخل الإناء الذي وضع فيه صوف الكيش... فإذا تمكنت النار من اختراق الإناء فإنها تحرق الصوف ويصبح رمادا، ولا ينفع في صناعة "السّمخ".
الحرق هو السر في استخلاص السمخ، لا حرق إذا لا "سمخ". الكناب السمخيون الذي نجحوا في الكتابة وتفوقوا على أقرانهم هم على دراية بهذا السر المخفي في "السّمخ"، فمن يحرق دماغه ينجح، ومن يكتفي بحرق أعصابه يفشل.
وسواء صنع "السّمخ" من قرن الكبش، أو من صوف الكَبش فلا مشكلة في استعمال الكتاب السمخيين له في الكتابة مهما كان جنس ونوع المكتوب، أما إذا صُنع "السّمخ" من صوف النعجة أو الشاة فتضاربت الآراء حول جواز أو منع بل تحريم استعماله، وجادل الكتاب السّمخيون في أهليته ومشروعيته في الكتابة السّمخية.. وهذا هو جوهر موضوعنا القادم..
ملحوظة: لا ينفع صوف الماعز أو وبر الجمل أو ريش الطيور.. في صناعة "السّمخ".
يتبع

الثلاثاء، 10 أكتوبر 2023

تأملات وخواطر عن الكتابة: 2. الكتابة السّمخية 2/2. قرون الكَبش و"السّمْخ"

 

يعْرف "السّمخيون" (صناع السّمخ) أن حكمة الكبش تكمن في قرونه...

لفتح شهية القراء لما سيأتي ارتأيت أن أعرج في الحديث عن أهمية قرون الكبش في حياة بعض الأمم السابقة لتأكيد ما قلته سابقا عن قيمة وأهمية الكبش في بناء ثقافتها وحضارتها وتشكيل وعيها بذاتها وبالعالم.

من القرون المشهورة في التاريخ قرون عمون أو أمون وترمز للإله المصري أمون زيوس، وتلقب الإسكندر المقدوني بذي القرنين بعد أن دخل قدس الأقداس لمعبد آمون في واحة سيوة بمصر الذي يأخذ رأس كبش، وأكد له أحد الكهنة أنه ابن كبير الآلهة.

(أمون: إله الشمس والريح والخصوبة. زيوس: إله الصاعقة والسماء وأب الآلهة والبشر)
واعتاد اليهود أن ينفخوا في قرن الكبش أثناء استعدادهم للسنة الجديدة.
وفي الكعبة علقت قريش قرني الكبش الذي فدي به إبراهيم ، وتوارثته جيلا بعد جيل إلى أن بعث الله رسوله - صلى الله عليه وسلم
ترمز ثرون الكبش إلى القوة والمنعة والتحصين. ويفسر كاتب سَمخي رؤية الكبش في المنام كما يلي:
. إذا رأيت قرونا عن بعد فهذا يدل على أنك رجل قوي...
. إذا رأيت نفسك تمسك قرون الكبش فهذا يدل على أنك ستحصل على المال والجاه والنفوذ..
. إذا رأيت قرون الكبش نابتة في رأسك فهذا يدل على حصولك على العز والجاه...
من وجهة نظري لا أستطيع أن أضمن ما سيحصل لنا عندما تنبت القرون في رؤوسنا إن لم تكن قد نبتت فعلا...
والآن لنعد إلى صلب موضوعنا: قرون الكبش بالأمازيغية "إيسك ن إيزمير" و "السمخ"
يبدأ طقس استخلاص "السّمخ" ـ الذي تستعمله الكتابة "السمخية" ويكتب به الكتاب "السمخيون" بذبح الكبش وفصل رأسه عن جسده. بعدها تُنزع القرون عن الرأس باستعمال آلة حادة وصلبة، المِقدّة.. الرأس هو جوهر العملية "السّمخية"... في الرأس تتركز جميع الحواس، ومن الرأس تولد الأفكار وتختبئ الأسرار. والأفعى لا تموت إلا بقطع رأسها...

الطقس الجوهري الذي يسبق فعل الكتابة "السّمخية" هو حرق قرون رأس الكبش بالنار... النار تطهر وتحول الأشياء والمواد... تحول جسد البوذي مثلا إلى رماد، وتحول قرون الكبش إلى رماد ... يوضع رماد جثمان البوذي المحروق في قارورة ذكرى للمرحوم، أو يدر في الهواء، أو ينثر في النهر المقدس "الكانج". وإذا أردت إخفاء معالم الجريمة عليك بحرق الجثة وتحويلها إلى رماد...

يؤخذ رماد قرون الرأس المحروقة ويوضع في ماء ساخن ليصير سائلآ أسودا أي مدادا، ثم يصب في قارورة "الدواية". هذ السائل العجيب تكتب به علامات ورسومات ورموز مرئية تجسد عواطف، ورؤى، وأفكار غير مرئية.

وإذا نجت القرون من الحرق فإنها تُعلّق على أبواب المنازل لأنها تجلب الحظ، وتقي من الشر كالعين والحسد... وقد يغلق أيضا للتباهي والتفاخر... (ذبحنا كبشا أكبر من كبشكم..)

حرق قرون الكبش تلازمها بعض الطقوس: يجمع "السّمّاخّ" (صانع السمخ) ما يحتاجه من القرون لصناعة الكمية التي يحتاجها من "السّمخ"، يختار مكانا معزولا وبعيدا عن الناس ليعد الموقد الذي سيحرق فيه قرون الكبش... إنه يتجنب كل ما من شأنه أن يعكر عليه صفو عزلته لذا يتفادى حرقها في البيت، أو مكان عام أمام الناس... عملية أو بالأحرى طقس حرق قرون الكبش تتم بسرية وفي خلوة تامة.

يوجد ـ ها هنا ـ شَبه كبير بين خلوة الزاهد والمتصوف، وخلوة العاكف على حفظ القرآن الكريم، وخلوة الكاتب، وخلوة صانع "السمخ".
على "السماخ" لينجح في صناعة سمخ جيد، وسحري أن يتخذ جميع الاحتياطات الازمة ليكون غير مرئي تماما كالأفكار أو المعاني التي نكتبها بالسّمخ... وإلا ضاع جهده هباء..

(يتبع)

الأحد، 8 أكتوبر 2023

تأملات وخواطر عن الكتابة: النوع الأول: الكتابة "السمخية" 2/1: "السَّمْخ" و "الكَيْش"


("السمخ": المادة الأولى للكتابة السّمخية



الكبش: حاضر بقوة في ثقافتنا في أبعادها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والحضارية... )
يفضلون في أغلب مناطق المغرب استعمال كلمة "السَّمْخ" بدل كلمة "الصّمغ" للدلالة على السائل (المداد) المستعمل في الكتابة السّمخية. (نجاريهم في هذا المقام ونستعمل بدورنا مفردة "السّمخ" في تأملاتنا حول الكتابة "السّمخية" والكاتب "السّمخي")
نقطة انطلاق الكتابة "السّمخية" تبدأ بالقبض على الكَبْش (الخروف). الحيوان المقدس، المفعم بالخير والبركة.. وليس على التّيس الحيوان المشؤوم والمدنّس ذو الذنب القصير الذي لا يخجل في كشف عورته، الحيوان المتحالف مع الجن والشيطان، رمز الشر. كما استبعد الحرفيون العديد من الحيوانات لأنها لا تصلح لاستخلاص السّمخ.
من الأفضل أن يكون الكبش "فحلا" (الكبش المسيطر في القطيع). يتميز بقرون طويلة، قوية وملتفة... القرون القصيرة والواهية والرخوة غير صالحة للاستخلاص "السّمخ" ، ولا تَفي بالغرض، ولا تشفي غليل الحرفيين.
كان قدماء العرب يعشقون استعمال كلمة "فحول" للدلالة على الشعراء الكبار، الشعراء الذين يملكون السلطة التي يحصلون عليها بالسيف أو الشعر أو الخطابة.. الشعراء الذين علقت قصائدهم على جدران الكعبة، أو علقت رؤوسهم في مداخل المدن، أو تعفنت أجسادهم في السجون والأقبية...
اختيار الكبش لصناعة "السّمخ" ليس صدفة أو اعتباطا. الكبش حيوان مقدس (يختلف عن التيس والثور والغزال مثلا) قدمه هابيل قربانا لله فتقبله الله منه ورفعه إلى السماء، وظل هذا اكبش يرتع في الجنة حتى أنزله الله من الجنة فداء لإسماعيل.. "أرسل الله نارا لتصعد بالقربان (الكبش) وهي نار لا تحرق عكس النار الأرضية التي تأتي على الأخضر واليابس..." هذا الكلام منقول عن كاتب مشبع ب "السمخ".
والكبش حيوان مقدس، وكان الإله المصرى «خْنومْ» له رأس كبش وهو مصدر نهر النيل، وهو خالق بقية الآلهة في اعتقاد المصريين القدماء الذين قدسوه باعتباره موجد البيضة الأولى التي نشأت منها بقية الخلائق.
في المغرب قدس الأمازيغ الكبش، واعتبروه إلها. وعبدته بعض القبائل... ومن عادتهم مسح وجوههم بجلد أضحية العيد. وعادة عبادة الكبش في المغرب استمرت حتى القرن الحادي عشر الميلادي خوصا قبائل جنوب المغرب بين اغمات وسوس. ويرمز للرب أمُون.
ومن عادات المغاربة أيضا طلي رأس الكبش بالحناء ليلة العيد، وملء فمه بالقمح والماء، أملا في عام فلاحي مزدهر... وبعد ذبح "الكبش"، وأكل رأسه، تُدفن العظام في مكان بعيد عن الناس حتى لا تستعمل عظامه في السحر، ويحتفظ بالكتف لقراءة المستقبل، ويخبرهم الكتف بموت قريب، أو سنة فلاحية جيدة أو العكس... أما القرون، وهي موطن الحكمة في رأس الكبش فيحتفظ بها في البيت، وهي التي تستعمل لاستخلاص مادة عجيبة يسمونها "السّمخ"... مادة الكتابة "السّمخية". والمداد الذي لا غنى عنه للكاتب السّمْخي.
واختير الخروف لطابعه المسالم ومظهره البريء. ولهذا حاول العديد من الأطباء في القرن السادس عشر نقل دم حمل الخروف إلى المرضى ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، ولكنه كان جاهزا ليمد الكاتب السّمخي بدم من نوع آخر هو "السّمخ".
ويتم القبض أيضا على الشاة ولكن الشاة لها حكاية أخرى... فالسّمْخ المستخلص منها أثار الكثير من القيل والقال وإن فُصل المقال ـ في آخر الحكاية ـ بين الكتاب والمفكرين السّمخيين، إلا أنه تم تفويت تدوين المعرفة، ونقلها، والاستمتاع والاستفادة منها على الكثير من الناس كما سنشير إلى ذلك في التدوينات اللاحقة.
(يتبع)

السبت، 7 أكتوبر 2023

تأملات وخواطر عن الكتابة : -1- "أشْطاطو" عتبة:

 تأملات وخواطر عن الكتابة


(ما أقدمه للقراء هو مشروع قراءة من منظور غير مألوف.. ينطلق من تساؤل مؤداه" هل الكتاب العرب عامة، والمغاربة خاصة في بنيتهم الذهنية العميقة كتاب سَمْخيّون؟)
سأعمل في هذه المحاولة القرائية لوضعية الثقافة العربية عامة والمغربية خاصة على إعادة النظر في الطرق والمناهج التي تقدم بها هذه الثقافة والتي تتعامل معها بمنظور تقليدي كلاسيكي محكوم بعوامل متنوعة ومتشابكة ترتبط بما هو نفسي، وعاطفي - وجداني، وديني - عقدي، وسياسي وثقافي واقتصادي... وسنرصد هذه الحالة الثقافية من زوايا نظر تمنح الأولية والأفضلية لعناصرَ طالما ألغيت أو بالأحرى هُمّشت من قبل الباحثين في الشأن الثقافي المغربي، كآليات الكتابة، الأدوات التي توظفها، والطقوس المرتبطة بمختلف المواد التي تساهم في إنجاز فعل الكتابة والتعلم والتلقين وغيرها من العناصر...
لأنجز المهمة فكرت في استعارة "غربال" ميخائيل نعيمة للرصد والتوصيف والتحليل والتعليق... لكن سرعان ما ضربت صفحا على الفكرة. فمن شأن هذه الاستعارة أن تجعل مني نسخة مشوهة لنعيمة: أكرر، أستنسخ وأُقلد... لذا فضلت استعمال نوع آخر من الغرابيل نسميه في لغتنا المغربة العامية "أشْطاطو". و"أشطاطو" من صنف غربال ميخائيل نعيمة وسلالته، له إطار خشبي، وقاعدة محبوكة من ثوب رقيق. يُسمّى في بعض المناطق من المغرب "اشطاطو ادْيالْ لَحْرير". ويتميز عن الغِربال بثقوبه الدقيقة والضيقة. ويستعمل للحصول على دقيق ناعم جدا يخلو من النخالة، وتخبز منه فطائر رقيقة وشهية. وبهذا يتميز عن الغربال ذو الثقوب الواسعة، والحجم الصغير والذي تخبز منه فطائر أكثر سماكة وأقل لذة. (غربال نعيمة يسمح بمرور الكثير من النخالة عكس أشْطاطو فرحات..)
وتُعرّف النخالة بأنها كل ما يتبقى من الطحين بعد التصفية واستخلاص الدقيق.. وتُقدم عادة غداء للدجاج، وقد تستعمل دواء لمن يعاني من قرحة المعدة.. وبإيجاز، وتفاديا للسقوط في فخ المثل القائل : من نَخَل الناس غربلوه".. اخترت "أشطاطو" كأداة للقراءة. فلا أعتقد بوجود مثلا يقول: "من نخل الناس شَطّطوه". لا بدّ من الإشارة إلى أن مفردة "نخّلَ" (بتشديد الخاء) تعني في الدارجة أو العامية المغربية "عدم الاهتمام". فنقول : "نخّلَ النقاد الأدباء" أي لم يهتموا بإبداعاتهم، ولم يبالوا بها. ويعاملونهم معاملة النخالة..
إن "المُشطّط" (على قياس المُغربل) لأتربة الكتابة، وما علق منها فيما بقي من نقع الكتاب في ميدان أو "مَحْركْ" الثقافة سيلاحظ أن البشرية عرفت أنماطا متنوعة من الكتابة تطورت مع تطور الإنسان، وتلونت العلاقة بينهما بلون ورائحة الأمكنة والأزمنة والوقائع..
في هذا الإطار، أنجزت أبحاث ودراسات عدة في موضوع العلاقة بين الإنسان والكتابة، إلا أن القليل منها ـ أعتقد ـ بحث في العلاقة بين أدوات الكتابة ووسائلها ومتطلباتها ودورها في تشكيل فكر الإنسان ووعيه وعواطفه ورؤيته لذاته ووجوده وعلاقاته مع محيطه الطبيعي والاجتماعي...
في سلسلة من التدوينات اللاحقة، سأعمل على إبراز الدور الذي تلعبه الوسائل التي تسهم في إنتاج فعل الكتابة، وما يرتبط بها من قريب أو بعيد في تأثيرها على عقولنا وأجسادنا وعواطفنا، وفي تشكيل ثقافتنا وسلوكنا بهدف خلق وعي لدى الكاتب (سواء كان كاتبا عاديا أو محترفا) بالخلفيات الخفية والظاهرة التي تحكم كتاباته.
ارتأيت أن أتوقف عند أربعة أنواع من الكتابة (والكتاب ) وهي: الكتابة السَّمخية، والكتابة الحِبرية، والكتابة المدادية، والكتابة الآلية. قد يُقيم الكاتب في أحد الأصناف، أو يراوح بينها، أو يتعايش معها... ولكل نوع من هذه الكتابة خصائصها المميزة والفريدة وبه تتحدّد.. وسأجتهد في تتبعها، وبالتالي موقعة كتابنا ضمن أنماط هذه الأتواع من الكتابات، وأساليبهم في تصريف فعل الكتابة الذي هو في جوهره فعل الحياة والموت...
ملحوظة: لو كان ميخائيل نعيمة يعرف "أشطاطو" لما عنون كتابه ب" الغربال."
(يتبع)

حالة الطقس في مراكش

الثقافة السّمخية والكائن السمخي تأملات وخواطر عن الكتابة الكائن السمخي أولا: "الكتابة السمخية" 14. الكتابة السمخية والنكاح. الجزء الثالث: النكاح في الثقافة الإسلامية

1. أشهر مؤلفات الفقهاء في النكاح فطن رجال الدين لأهمية الحياة الجنسية عند الإنسان المسلم، فكتبوا العديد من الكتب تتعلق بالجنس تنقل لنا خبرات...